المقالات

الدكروري يكتب عن الوفاء بالعهد

الدكروري يكتب عن الوفاء بالعهد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن ما أسداه النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم بالشريعة الإسلامية إلى الإنسانية من فوائد، وحبا به العالم من المنافع فحسبك أن تعلم أنه صلى الله عليه وسلم المنقذ للبشرية مما ارتطمت به من أهوال وصروف في عصره الذي بعث فيه، وأن العالم كله لن يجد العلاج لمشاكله والحل لكل معضلاته إلا بما وضع الإسلام من دواء ووصف من علاج، ولو أن الناس كشفوا عن أعينهم غشاوة التعصب وطهروا قلوبهم من أدران الوهم لعلموا أن كل مشكلات اليوم بل كل مشكلات العالم حلها الإسلام بأيسر الحلول، ووصف لها أنفع الأدوية، وليس بين العالم وبين الراحة والهناءة إلا أن يعمه تشريع الإسلام القويم، وسيخلص الناس من تجاربهم إن بعيدا وإن قريبا إلى هذه النتيجة ولتعلمن نبأه بعد حين، وإن الوفاء بالعهد هو قيام المسلم بما التزم به سواء أكان التزامه إيمانا وتصديقا أو قولا.

أو كتابة أو عملا فكل أمر ألزمت به نفسك فهو عهد ووعد والعهد ينقسم إلى قسمين، عهد بين الله وبين الناس، وعهد بين الناس بعضهم بعضا، فأما العهود التي بين الله وبين الناس فهي كثيرة، أولها إيمانك بالله وتصديقك لرسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا عهد يجب عيك الوفاء به، فالتزامك بدين الله وإتباعك لشرع الله ومنهج رسوله هذا عهد فقال ابن عباس رضي الله عنهما كل ما أحل الله وما حرم وما فرض في القرآن فهو عهد فمن تهاون في أداء الصلاة أو إيتاء الزكاة أو في صوم رمضان أو أداء الحج مع القدرة فقد نكث عهده مع الله ومن تخلق بغير أخلاق المؤمنين فكذب إذا حدث، أو خان إذا اؤتمن أو أخلف إذا وعد، فقد نكث عهده مع الله، ومن ساءت معاملته مع العباد فعق والديه أو قطع رحمه أو أساء إلى جاره أو غش في بيعه وشرائه أو أضاع زوجته وأولاده.

فقد نكث عهده مع الله ومن والى الكفار وعادى المؤمنين الأبرار وانتصر للباطل واخفق الحق فقد نكث عهده مع الله وعلى الإجمال فالمعرضون عن دين الله أولئك نكثوا عهدهم مع الله وتهاونوا بشرع الله عز وجل بل وأبرموا عهدا مع الشيطان بمخالفتهم لشرع الرحمن وكذلك نشر العلم وبيانه عهد حيث قال الله تعالى ” وغذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه” وقال قتادة هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم فمن تعلم علما فليعلمه للناس وإياكم وكتمان العلم، فإن كتمان العلم هلكة، فيا سعادة عالم ناطق ومستمع داع، هذا تعلم علما فبلغه، وهذا سمع خيرا فقبله، وبيع النفس والمال بالجنة عهد، وقال الله تعالى ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة” وأما العهود التي بين الناس بعضهم بعضا فهي كثيرة أيضا فإذا اتفق اثنان على أن يقوم كل منهما للآخر بشيء.

يقال أنهما تعاهدا فعقد الزواج عهد لأنه التزام بين الزوج والزوجة، فقال صلى الله عليه وسلم “أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفرج” رواه البخارى، فلابد للمسلم أن يؤدي ما التزم من الشروط على عقد الزواج لأنه استحل بها الفرج، فأيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر، ليس في نفسه أن يؤديها حقها فقد خدعها، بل ويجب علي كل من الزوج والزوجة أن يكونا من الأوفياء في الحياة وبعد الممات، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وفيا مع السيدة خديجة رضى الله عنها حتى بعد موتها، وكذلك فإن تربية الأولاد عهد، فعلى الوالدين يجب الوفاء به، فقد قال الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجاره” فمن أهملهم، لم يوفي بما عهد إليه.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار