الدكروري يكتب عن حال الصالحين مع الضعفاء
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، أما بعد فإن الصالحون رضوان الله عنهم لهم حال مع الضعفاء والفقراء والمساكين، ولقد أثر عن علي زين العابدين رحمه الله أنه كان إذا جن عليه الليل حمل الطعام على ظهره إلى بيوت الأرامل والأيتام، وكان إماما من أئمة المسلمين، وعلما من أعلام الدين، ومع ذلك تواضع لله عز وجل، لعلمه أن الله يحب منه تلك الخطوة، ولعلمه أن جبر تلك القلوب يجبر الله به كسر العبد في الدنيا والآخرة، فخرج رحمه الله في الظلام بعيدا عن الرياء والسمعة والثناء، يشتري بذلك رحمة الله سبحانه، فلما توفي رحمه الله، فقدت تلك البيوت من كان يقرع عليهم في جوف الليل، وفي بعض الروايات كان ما يقرب من ثلاثين بيتا من ضعفة المسلمين.
كان يمشي إليها بخطواته، فمات رحمه الله وما ماتت تلك الخطى، وسيراها بعينيه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فهذا هو المشي إلى الضعفاء، والمشي إلى البؤساء وله لذة يعرفها مَن يعرفها والمشي إلى المحرومين البائسين له رحمة يجدها من وجدها، فهؤلاء الأئمة الأخيار الصفوة الأبرار، الذين عرفوا مقدار المعاملة مع الله، فاختاروا لنهارهم العلم والعمل، واختاروا لليلهم جبر القلوب المكسورة، وإدخال السرور عليها، فلما أرادوا أن يغسلوه رحمه الله، خلعوا ثيابه، فوجدوا ظهره متشحطًا من كثرة ما حمل عليه من الطعام، فرحمه الله رحمة واسعة، وإن أحوج الناس إلى الرحمة هم العصاة والمذنبون، ولكنهم يحتاجون إلى رحمة التوجيه والهداية لطاعة الله.
فإن الإسلام رحمة، والهداية والالتزام رحمة، وهناك أمم تنتظر منك أن تدلهم عليها، وأن تهديهم بإذن الله إليها، وأن تأخذ بمجامع قلوبهم إلى الله، فتحببهم في طاعة الله تعالي ومرضاته حيث قال صلى الله عليه وسلم ” أنا رحمة مهداة ” فإن المجتمعَ الذي يشعر فيه الفقير والمسكين والضعيف بأهميته واهتمام المسؤولين والقادة والقوانين به لهو مجتمع التكافل والرحمة والإنسانية الذي ينعم به الجميع ويسعدون بظلاله حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” مَن ولي أمر الناس، ثم أغلق بابه دون المسكين والمظلوم وذوي الحاجة أغلقَ الله تبارك وتعالى أبواب رحمته دونَ حاجته وفقره أفقر ما يكون إليها ” رواه أحمد، ولقد حفظ الله سبحانه وتعالى عقيدة الإنسان، التي هي البقاء على فطرته التي خلقه الله عليها وهي الإسلام.
وحماه من شر نفسه ومن شر شياطين بني الإنسان والجن الذين يدعونه إلى الشرك بالله وعبادة غير الله كما تقدم وذلك بأن شرع الله في الإسلام وفي جميع الأديان قبل الإسلام دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، أما المعادون للإسلام وأهله الذين يمنعون الدخول في الإسلام فقد شرع الله جهادهم في سبيله لإعلاء كلمته وذلك من أجل إظهار الحق وهو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له وطاعته، فهو في الحقيقة رحمة للبشر الذين يشركون مع الله بعبادة غيره وتأليه غيره معه كما هي حال اليهود والنصارى والمجوس عباد النار والبوذيين عباد بوذا وعباد القبور ممن يدّعون الإسلام، ودعاة الإباحية، والإلحاد الكارهين لدين الله تعالى وهو دين الإسلام والمتمسكين به.