الدكروري يكتب عن صفة الرحمه والرأفة من رسول الله
الدكروري يكتب عن صفة الرحمه والرأفة من رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 22 ديسمبر
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين، ثم أما بعد اعلموا يرحمكم الله أن التيسير على الخلق طمعا فيما عند الحق يجلب للعبد عفو الله تعالى ويخرجه من ضيق الحساب إلى سعة المغفرة والثواب، فيفوز بما أعده الله للمتقين، وهو الجنة مع ما كان عليه من العمل.
وقيل أن الله تعالي قد حاسب عبدا من الأمم السابقة، فسأله عن أعماله الصالحة التي يستجلب بها ثواب الله والجنة، فلم يجد، إلا أنه كان كثير المال، فيعامل الناس بالقرض والتجارة، وكان يوصي عماله أن يتجاوزوا عن الذي لا يجدوا عنده المال الذي يقضي به الدين، فيمهلوه، فقال الله عز وجل لملائكته ” نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه” أي تجاوزوا عن ذنوبه ومقصود الحديث الحث على المساهلة في التقاضي، فقضاء الحوائج، والتيسير على المدين حتى تنفك كربته، وعدم التضييق عليه حتى تتحسن أحواله، يستجلب عفو الله عز وجل، ويأخذ العبد بهذا العمل الجنة عوضا عنه فلا تحرموا أنفسكم عباد الله من هذا الأجر، واسعوا في قضاء حوائج الناس فهي لا تحتاج إلى مال، بل بالكلمة، والابتسامة، والمشي معه في حاجته.
وعلى هذا الأجر والثواب العظيم، ونحن نعيش في زمان ندرت فيه صفة الرحمه والرأفة فيجب علينا أن ننظر إلي حياة صلى الله عليه وسلم في التعامل حتي مع الحيوان، فقد تجاوزت إنسانيته صلى الله عليه وسلم ذلك كله إلى الحيوان والبهيمة، فيروي عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه فأتاه صلى الله عليه وسلم فمسح ظفراه فسكت، فقال صلى الله عليه وسلم “من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال “أفلا تتقى الله فى هذه البهيمة التى ملكك الله إياها فإنه شكا إلى أنك تجيعه وتدئبه” رواه أبو داود، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قبّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي وعنده الأقرع بن حابس.
فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إليه فقال “من لا يرحم لا يرحم” وجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أو أملك لك إن نزع الله من قلبك الرحمة” وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأمامة ابنة ابنته زينب رضي الله عنها، يحملها على عاتقه، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها فجعلها على عاتقه، وعن أنس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاعب زينب بنت أم سلمة “ربيبته” ويقول “يا زوينب، يا زوينب” مرارا، ودخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مغتسله فنضح الماء في وجهها يداعبها، فكان في ذلك من البركة في وجهها.
أنه لم يتغير فكان ماء الشباب ثابتا في وجهها ظاهرا في رونقها وهي عجوز كبيرة، وكان صلى الله عليه وسلم يصف عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب وكثير بن العباس ثم يقول “من سبق إلي فله كذا وكذا” قال فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم، أي يحتضنهم وكان يرق لحال الأطفال، ويشفق عليهم، وهز كيانه كله بكاء طفل إذ يشعر في وجدانه بألم الأم وعذابها، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إني لأدخل في الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجد أمه به”.