المقالات

الدكروري يكتب عن عندما نقضت الصحيفة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد كان أبو طالب يخاف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أثناء الحصار في شعب أبي طالب، فكان إذا أخذ الناس مضاجعهم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضطجع على فراشه، حتى يرى ذلك من أراد اغتياله، فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو إخوانه أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يأتى بعض فرشهم‏، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يخرجون في أيام الموسم، فيلقون الناس، ويدعونهم إلى الإسلام، وقد مر عامان أو ثلاثة أعوام والأمر على ذلك، وفي المحرم سنة عشر من النبوة نقضت الصحيفة وفك الحصار، وذلك أن قريشا كانوا بين راض بهذا الميثاق وكاره له، فسعى في نقض الصحيفة من كان كارها لها‏.

فاجتمع بعض من في قلوبهم بعض عدل ورحمة على نقض الصحيفة وإنقاذ أهلهم ممن أسلموا، و طالبوا قريشا بضرورة نقض الصحيفة وإنهاء الظلم و كان ما كان من إخبار الرسول صلى الله عليه و سلم لهم بان الأرضة قد أكلت الصحيفة الظالمة إلا ما فيه ذكر الله، فكانت علامة و معجزة، وبعد أن دار الكلام بين القوم وبين أبي جهل، قام المطعم إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها إلا ‏‏”باسمك اللهم” وما كان فيها من اسم الله فإنها لم تأكله‏، ثم نقض الصحيفة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب، وقد رأي المشركون آية عظيمة من آيات نبوته، ولكنهم كما أخبر الله عنهم فى سورة القمر “وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر” فقد أعرضوا عن هذه الآية وازدادوا كفرا إلى كفرهم.

واشتد البلاء بموت أبي طالب ثم وفاة خديجة زوج رسول الله صلى الله عليه و سلم التي صدقته وواسته وساعدته على تحمل وأداء الرسالة دونما إبطاء أو مجرد تلكؤ لذا سمي هذا العام بعام الحزن، فالسيدة خديجة كانت من نعم الله الجليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بقيت معه ربع قرن تحن عليه ساعة قلقه، وتؤازره في أحرج أوقاته، وتعينه على إبلاغ رسالته، وتشاركه في مغارم الجهاد المر، وتواسيه بنفسها ومالها، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ “‏آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقنى الله ولدها وحرم ولد غيرها‏” وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال‏ “أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال‏ يا رسول الله،

هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب” رواه مسلم، فهكذا عندما حوصر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في شعب بني هاشم، واشتد المشركون على المسلمين، وأرادوا أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمع أبو طالب بني عبد المطلب وأمرهم أن يدخلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شعبهم وأمرهم أن يحموه ممن أرادوا قتله، فاجتمع على ذلك بنو هاشم جميعا مسلمهم وكافرهم، وكردة فعل اجتمع مشركو قريش واتفقوا ألا يجالسوا بني عبد المطلب ولا يدخلوا بيوتهم ولا يبيعوهم ولا يشتروا منهم وألا يقبلوا من بني هاشم صلحا أبدا ولا يأخذهم بهم رأفة.

حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل، وكتبوا في مكرهم صحيفة وعهودا ومواثيق لضمان التنفيذ، وبالفعل، لبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين مقاطعين اقتصاديا واجتماعيا، حتى أن كفار قريش كانوا يسارعون إلى اشتراء الطعام من التجار القادمين إلى مكة، لئلا يتمكن بنو هاشم من شراء ما يعيشون به من طعام ومع ذلك، استبسل بنو هاشم، مسلمهم وكافرهم، في حماية رسول الله ومن معه من المسلمين، وصبروا على الجوع والعطش، بل كان أبو طالب يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا أن يضطجع في فراشه حتي يرعاه.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار