كفالة النبي بين جده وعمه
كفالة النبي بين جده وعمه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
عندما ماتت السيدة آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم، انتقل بعدها للعيش في كفالة جده عبد المطلب حيث كان يعتني به اعتناء شديدا ظانا فيه الخير والشأن العظيم، ثم توفي جده والنبي صلى الله عليه وسلم في الثامنة من عمره، وانتقل بعدها للعيش في كفالة عمه أبي طالب، وكان يأخذه معه في رحلاته التجارية، وفي إحدى الرحلات أخبره إحدى الرهبان بأن محمدا سيكون ذو شأن عظيم، وقد عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في رعي أغنام أهل مكة، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم ” ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم، فقال أصحابه وأنت؟ فقال صلى الله عليه وسلم نعم كنت أرعاها على قراريط، جزء من الدينار والدرهم، لأهل مكة” وبذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في كسب الرزق.
وكانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ذات مال كثير ونسب رفيع، وكانت تعمل في التجارة، وحين بلغها أن محمدا رجل صادق في قوله أمين في عمله كريم في أخلاقه استأمنته على الخروج تاجرا بأموالها، مع غلام لها يُدعى ميسرة مقابل الأجر، فخرج صلى الله عليه وسلم تاجرا إلى بلاد الشام، وجلس في الطريق تحت ظل شجرة قريبة من راهب، فأخبر الراهب ميسرة أن من نزل تحت تلك الشجرة لم يكن إلا نبيا، وأخبر ميسرة السيدة خديجة بقول الراهب، مما كان سببا في طلبها الزواج من الرسول صلى الله عليه وسلم، فخطبها له عمّه حمزة، وتزوجا، ولقد عقدت قريش العزم على تجديد بناء الكعبة لحمايتها من الهدم بسبب السيول، واشترطوا بناءها من الأموال الطيبة التي لم يدخلها أي نوع من الربا أو الظلم.
وتجرأ الوليد بن المغيرة على الهدم، ثم شرعوا بالبناء شيئا فشيئا إلى أن وصلوا إلى موضع الحجر الأسود، إذ وقع الخلاف بينهم في من سيضعه في موضعه، وتراضوا على قبول حكم أول داخلٍ عليهم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وأشار عليهم بأن يضع الحجر الأسود على ثوب تحمله كل قبيلة من طرف ليضعه في مكانه، وقبلوا بحكمه دون خلاف، وبذلك كان رأي الرسول صلى الله عليه وسلم عاملا في عدم تنازع قبائل قريش وعدم خلافها فيما بينها، وأنه لما تم صلح الحديبية بين المسلمين وقريش ونصوا في بنودها أن يرجع المسلمون هذا العام بلا أداء العمرة ويعودوا في العام القادم، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ينحروا الهدي ويتحللوا من إحرامهم فقال صلى الله عليه وسلم “قوموا فانحروا ثم احلقوا”
فتكاسل الصحابة حيث إن الشروط كانت جائرة على المسلمين، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على السيدة أم سلمة مغضبا، وأخبرها بتخلف الناس عن أمره، فأشارت عليه صلى الله عليه وسلم بأن يُسرع في التنفيذ أمامهم، فقام صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه، ونحر هديه، وتسابق الصحابة في التطبيق حتى كاد بعضهم يقتل بعضا من شدة الزحام، فكان صلى الله عليه وسلم يبدأ بنفسه قبل الناس ليقتدي الناس به، وكذلك موقفه في بناء المسجد، حيث كان يشارك الصحابة في الحفر ونقل التراب، ورفع البناء، وشاركهم صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق حول المدينة، فعندما سمع بقدوم الأحزاب لاستئصال شأفة المسلمين في المدينة، وكان له قسم مثلهم يباشر الحفر معهم بيده، ويحمل التراب على كتفه.