الدكروري يكتب عن مواقف النبي مع أصحابة
الدكروري يكتب عن مواقف النبي مع أصحابة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كان للنبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم مواقف طيبة عطره بين أصحابة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطيب لم يردّه” رواه النسائي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال “كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة” أى التشاؤم، رواه ابن ماجه، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء، لم يقل ما بال فلان يقول، ولكن يقول ما بال أقوام يقولون كذا وكذا” رواه أبو داود، وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بشيء سأل عنه أهديّة أم صدقة، فإن قيل صدقة، لم يأكل، وإن قيل هديّة، بسط يده” رواه النسائي.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول ” يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك” فقلنا يا رسول الله، آمنا بك، وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ فقال “نعم” إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله عز وجل يقلبها” فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذى غفر الله تعالى له ما تقدم من ذبيه وما تأخر، فسبحان القائل العظيم فى سورة الفتح ” إنا فتحنا لك فتحا مبينا، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما” ولم ينقل أن الله عز وجل أخبر أحدا من الأنبياء بمثل ذلك، بل الظاهر أنه لم يخبرهم لأن كل واحد منهم إذا طلبت منهم الشفاعة في الموقف ذكر خطيئته التي أصابها وقال ” نفسي نفسي”
ولو علم كل واحد منهم بغفران خطيئته لم يُوجل منها في ذلك المقام، وإذا استشفعت الخلائق بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام قال ” أنا لها” وقال العز بن عبدالسلام أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه أخبره الله بالمغفرة ولم ينقل أنه أخبر أحدا من الأنبياء بذلك، فقال تعالى فى سورة الشرح ” ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك، الذى أنقض ظهرك، ورفعنا لك ذكرك” وقال الشوكاني واختلف في معنى قوله تعالى ” ما تقدم من ذنبك وما تأخر” فقيل ما تقدم من ذنبك قبل الرسالة، وما تأخر بعدها، قاله مجاهد، وسفيان الثوري، وابن جرير، والواحدي، وغيرهم، وقال عطاء ما تقدم من ذنبك يعني ذنب أبويك آدم وحواء، وما تأخر من ذنوب أمتك، وما أبعد هذا عن معنى القرآن.
وقيل ما تقدم من ذنب أبيك إبراهيم، وما تأخر من ذنوب النبيين من بعده، وهذا كالذي قبله، وقيل ما تقدم من ذنب يوم بدر، وما تأخر من ذنب يوم حنين، وهذا كالقولين الأولين في البعد، وقيل لو كان ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك، وقيل غير ذلك مما لا وجه له، والأول أولى أي ما تقدم من ذنبك قبل الرسالة، وما تأخر بعدها، ويكون المراد بالذنب بعد الرسالة ترك ما هو الأولى، وسمي ذنبا في حقه لجلالة قدره، وإن لم يكن ذنبا في حق غيره، ولقد كان الأنبياء والرسل السابقون عليهم الصلاة والسلام يرسلون إلى أقوامهم خاصة، أما عموم رسالته صلى الله عليه وسلم فهى للثقلين الإنس والجن، وقال القرطبي والمراد بالعالمين أيضا الإنس والجن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان رسولا إليهما.
ونذيرا لهما وأنه خاتم الأنبياء، ولم يكن غيره عام الرسالة إلا نوحا، فإنه عمّ برسالته جميع الإنس بعد الطوفان لأنه بدأ به الخلق، واختلف في عموم رسالته قبل الطوفان على قولين، أحدهما هو عامة لعموم العقاب بالطوفان على مخالفته في الرسالة، الثاني خاصة بقومه لأنه ما تجاوزهم بدعائه.