المقالات

الدكروري يكتب عن موسي من التابوت إلي فرعون

الدكروري يكتب عن موسي من التابوت إلي فرعون

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن موسي من التابوت إلي فرعون

لقد أمر الله تبارك وتعالى أم موسي عليه السلام أن ترضعه، حتى إذا خافت عليه تصنع له تابوتا وصندوقا من خشب ثم تضعه فيه، وتلقيه في البحر ولا تخاف من الهلاك ولا تحزن لأنه سيكون في حفظ الله ورعايته وكفى به حافظا ووكيلا، وقيل أن قارون الذي ذكره الله تعالى في القرءان هو ابن عم موسى عليه السلام وقيل غير ذلك، وكان من أتباع فرعون مصر الكافرين الذين اتبعوا فرعون على كفره وضلاله، وكان رجلا طاغيا فاسدا غرته الحياة الدنيا، وكان كثير المال والكنوز، وقد ذكر الله تبارك وتعالى كثرة كنوزه وبيّن أن كنوزه كان يثقل حمل مفاتيحها على الرجال الأقوياء الأشداء حتى قيل إن مفاتيح خزائن كنوزه كانت تحمل على أربعين بغلا، ولكن قارون غرته الحياة الدنيا. 

 

وغرَّه ما عنده من أموال وكنوز، وطغى وبغى على قومه بكثرة أمواله وافتخر عليهم واستكبر بما آتاه الله تعالى من الأموال والكنوز، فنصحه النصحاء من قومه ووعظوه ونهوه عن فساده وبغيه وقالوا له لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين، أي لا تبطر بما أعطيت وتفخر على غيرك وتستكبر، إن الله لا يحب الذين يفتخرون بأموالهم على الناس وقالوا له، وابتغي فيما أتاك الله الدار الآخره، أي لتكن همتك مصروفة لتحصيل ثواب الله في الدار الآخرة بالإيمان والعمل الصالح فإن هذا خير وأبقى وقالوا له، لا تنسى نصيبك من الدنيا، أي ولا تنسي أن تأخذ من الدنيا لآخرتك بالتزود لها والاستعداد كما قال ابن عباس، ثم نصحوه قائلين له، وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغي الفساد فى الأرض. 

 

إن الله لا يحب المفسدين، أي أحسن إلى خلق الله كما أحسن الله تعالى خالقهم إليك، ولا تفسد فيهم وتبغي فتعاملهم بخلاف ما أمرت به، ولكن قارون أجابهم جواب مغتر مفتون مستكبر فقال لهم، قال إنما أوتيته على علم عندى، يعني أنا لا أحتاج إلى نصيحتكم أي أوتيته على معرفة مني وخبرة، ثم أخذ يزداد في بغيه وفساده معتقدا أن الله سبحانه يحبه ولذلك أعطاه هذا المال الكثير، وخرج قارون يوما متجملا في موكب عظيم من ملابس ومراكب وخدم وحشم فلما رءاه من قومه من هو مغرور بزهرة الحياة الدنيا تمنوا أن لو كانوا مثله وغبطوه بما عليه من زينة وما له من كنوز وأموال، فلما علم بمقالتهم العلماء العارفون ذوو الفهم الصحيح والزهاد قالوا لهم، ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا. 

 

أي ثواب الله في الدار الآخرة خير وأبقى وأجل وأعلى، وبينما قارون في موكبه خسف الله تعالى الأرض، به وبداره فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة، ولما حلّ بقارون ما حل من خسف وذهاب الأموال وخراب الدار وخسفها، ندم من كان تمنى مثل ما أوتي وشكروا الله تعالى الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدره ويضيقه على من يشاء، وشكروا الله تعالى الذي لم يجعلهم كقارون طغاة متجبرين متكبرين فيخسف بهم الأرض، ويروى أن الله تبارك وتعالى أمر قارون بالزكاة فجاء إلى موسى عليه السلام من كل ألف دينار بدينار، ثم جمع نفرا يثق بهم من بني إسرائيل فقال إن موسى أمركم بكل شىء فأطعتموه وهو الآن يريد أخذ أموالكم، فقالوا له مرنا بما شئت، قال ءامركم أن تحضروا فلانة البغيّ فتجعلوا لها جعلا أي أجرة فتقذفه بنفسها ففعلوا ذلك فأجابتهم إليه. 

الدكروري يكتب عن موسي من التابوت إلي فرعون 

الدكروري يكتب عن موسي من التابوت إلي فرعون

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار