المقالات

الدكروري يكتب عن عندما فشت الأمراض واستعصت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن أحرص الناسِ على حياة دون إيمان، يسألون الله الدنيا دون الآخرة، بطرين عند النعم، قنطين عند النقم، يعبدون الله على حرف، ويقطعون ما أمر الله به أن يُوصل ويفسدون في الأرض ولا يصلحون، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا وعالمهم لا يعمل بعلمه، وجاهلهم يقول على الله بلا علم، ويعبد الله على ضلال ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناسِ، ومكَروا بهذا الدين مكرا كبارا ، ولا يعرفون للحق إلا العداء، وهم للباطل أعوان وأصدقاء، وفي عالمنا اليوم تطور العلم وتقدم الطلب، ومع ذلك فشت الأمراض واستعصت، أمراض لم نكن نعهدها، وبلايا لم نكن نعرفها، ولم يكن هذا الأمر سهوا، ولا قدر عبثا، وإنما هي سنن ربانية ثابتة، ولولا الليل لما عُرف قدر النهار ولولا المرض لما عُرف قدرالصحة والعافية وأهل الجنة يفرحون ويزداد فرحهم.

عندما يتفكرون في آلام أهل النار بل إن من نعيم الجنة رؤية اهل النار وما هم فيه من عذاب، والمرض تهذيب للنفوس وتصفية لها من الشر الذي فيها، وقد قال تعالى “وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم وويعفوا عن كثير” فإذا أصيب العبد فلا يقل من اين هذا، ولا من أين أتى فما أصيب إلا بذنب فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ما يصيب المؤمن من وصب ولا هم ولا حزن ولا اذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه” متفق عليه، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على مريض من أقاربه وهو مريض بالحمى وقال “لا بارك الله فيها ” أي الحمى ” فقال صلى الله عليه وسلم ” لا تسبوا الحمى فإنها مكفرة للذنوب والخطايا ” وقال صلى الله عليه وسلم ” لا يزال البلاء بالمؤمن في أهله وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة “

الدكروري يكتب عن عندما فشت الأمراض واستعصت

فالمرض تكفير لسيئاتنا وخطايانا التي اقترفناها بأسماعنا وأبصارنا وألسنتنا، وسائر جوارحنا، وهذا من رحمة الله بنا أن يجعل له العقوبة على معاصينا في دنيانا، وقال صلى الله عليه وسلم ” ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب، وما يدفع الله عنه أكثر ” والاختلاج هو الحركة والإضطراب، وتعجيل العقوبة للمؤمن في الدنيا خير له من عقوبة الآخرة حتى تكفر عنه ذنوبه، وعن أنس قال، قال رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم ” إذا أردا الله بعبد الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة ” رواه الترمذي، وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال، قال رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها ” رواه البخاري.

ومن الناس من له ذنوب وليس له ما يكفرها فيبتليه الله بالحزن والمرض لتصفيته وتنقيته من الذنوب إن صبر واحتسب، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال طرقه وجع فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه فقالت له السيدة عائشة لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” إن الصالحين يشدد عليهم وإنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة ” ومن فوائد المرض وحكمه أنه تذكره وعظه للعبد، فلربما أصيب الإنسان حال صحته وقوته بشيء من الكبر والعجب، والفرعنة وقسوة القلب، وغيرها من الأمراض المهلكة الفتاكة، فيرحمه أرحم الراحمين بأن يبتليه بأنواع من المصائب والأسقام، التي تريه عفه وعجزه وتواضعه، فتكون هذه الأمراض والأسقام بمثابة الحمية لهذا العبد من أدواء أخطر وأعظم.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار