أخبار ومقالات دينية

الرسول ﷺ قدوتنا

جريدة موطني

الرسول ﷺ قدوتنا

إطلالة بقلم : عبادى عبدالباقى قناوى 

أولا :-

مولد الرسول صلى الله عليه وسلم :-

ولد النبي محمد عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول في العام الذي سمي بعام الفيل،

وهو يوافق سنة ٥٧١ ميلادي، وينتسب عليه الصلاة والسلام إلى بني هاشم الذين كانت لهم المكانة والشرف بين قبائل مكة،

 فقد كانوا المسؤولين عن رفادة الحجاج.

ثانيا:-

البعثة :-

ولما بعث الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام إلى قومه وهم العرب ويتبعهم غيرهم من الأمم دعاهم إلى هذه الكلمة،

قال :-

يا قوم قولوا :-

 لا إله إلا الله تفلحوا.

فأجاب إليها القليل، ودخلوا في دين الله واحدا بعد واحد وجماعة بعد جماعة.

و أباها الأكثرون و استنكروها وقالوا:-

 ما ذكر الله عنهم

 أَجعل الألهة إِلها واحدا إِن هذا لشيء عجاب

 [ص:٥]،

وقالوا :-

أيضا فيما ذكر الله عنهم

أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ

[الصافات:٣٦].

فاستكبروا عن هذا الأمر، إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ۝ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ

[الصافات:٣٥-٣٦].

سموه شاعرا و مجنونا؛

لجهلهم و ضلالهم وفساد عقولهم ، فاستمر عليه الصلاة والسلام في الدعوة والتوجيه والإرشاد وصبر على الأذى حتى دخل الجمع الغفير في توحيد الله،

 ثم اشتد الأذى فهاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام،

وهاجر معه من استطاع من أصحابه، وهاجر إليه كل من أسلم من سائر أرجاء الجزيرة،

 ثم لحق به من هداه الله من الناس من خارج الجزيرة أيضا،

ولم يزل يدعو إلى الله .

ثم شرع الله له الجهاد وجاهد في سبيل الله، ولم يزل في جهاد وصراع مع قومه حتى أظهره الله عليهم ، وحتى دخلوا في دين الله أفواجا بعدما فتح الله عليه مكة، ثم أكمل الله به الدين ،

وأتم به النعمة عليه الصلاة والسلام، ودخل الناس في دين الله أفواجا، ثم قبضه الله إليه ورفعه إلى الرفيق الأعلى عليه الصلاة والسلام، فجسده في الأرض وروحه في أعلى عليين عليه الصلاة والسلام .

ثم قام بالأمر بعده أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم،

يجاهدون في سبيل الله، ويدعون إلى توحيد الله والالتزام بشرعه؛ حتى نشروا دين الله في المعمورة، فحاربوا الفرس والروم وغيرهم من الأمم ، حتى ظهر دين الله،

 وحتى علت كلمة الله، وحتى انتشر التوحيد في الأرض وعرفه من جهله، فتوحيد الله هو الأساس، وهو الأصل، وبقية أمور الدين تابعة لذلك.

ودخل الناس في دين الله أفواجا،

 حتى علت كل الله.

ثالثا :-

وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم :-

مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم

في أواخر صفر سنة ١١ هجرية

 (٦٣٢ م)، وكانت مدة مرضه في بيت زوجته ميمونة ولما اشتد مرضه استأذن زوجاته أن يمرض في بيت عائشة فخرج يهادي بين العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب حتى دخل بيت عائشة وأمر أن يهريق عليه الماء فصبوه عليه لما كان يشعر به من الحمى، وقال:-

ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر وهذا أوان انقطاع أَبهري من ذلك السم، ولما تعذر عليه الخروج للصلاة،

 قال:-

مروا أبا بكر فليصل بالناس،

فقالت له عائشة:-

يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قام مقامك لا يسمع الناس من البكاء،

 قال:-

 مروا أبا بكر فليصل بالناس فعاودته مثل مقالتها،

 فقال:-

 إنكن صواحبات يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس، فصلى بهم سبع عشرة وش أبي بكر للصلاة إشارة إلى أنه الخليفة بعده،

فقالوا:-

إن النبي صلى الله عليه وسلم

 رضيه لديننا أفلا نرضاه لدنيانا؟

رابعا:-

آخر خطبة للحبيب صلى الله عليه وسلم:-

  خرج معصوب الرأس لأنه كان يشكو ،

 وجلس في أسفل مرقاة من المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال:-

«يا أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم،

 هل خلد نبي قبلي فيمن بعث إليه فأخلد فيكم ،

ألا إني لاحق بربي وإنكم لاحقون بي فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرا وأوصي المهاجرين فيما بينهم فإن الله تعالى يقول:-

{وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَنَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ} (العصر: ١ – ٣).

وإن الأمور تجري بإذن الله ولا يحملنكم استبطاء أمر على استعجاله،

 فإن الله عز وجل لا يعجل بعجلة أحد ومن غالب الله غلبه،

 ومن خادع الله خدعه،

فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم. وأوصيكم بالأنصار خيرا فإنهم الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلكم أن تحسنوا إليهم،

 ألم يشاطروكم في الثمار؟

 ألم يوسعوا لكم في الديار؟

 ألم يؤثروكم على أنفسكم وبهم الخصاصة؟

 ألا فمن ولي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم،

 ألا ولا تستأثروا عليهم،

ألا وإني فرط لكم وأنتم لاحقون بي، ألا فإن موعدكم الحوض، ألا فمن أحب أن يرده علي غدا فليكفف يده ولسانه.

 وهذه آخر خطبة للنبي صلى الله عليه وسلم.

فلم يصعد المنبر بعد ذلك اليوم،

 وقد أوصى المسلمين بالمحبة والاتحاد وصلة الرحم،

المهاجرين منهم والأنصار،

 وهو في أشد حالات المرض ونهاهم عن التقاطع .

ثم أُغمي على رسول الله ورأسه في حجر عائشة رضي الله عنها،

 وكانت تدعو له بالشفاء وكان يقول:- «إن للموت لسكرات»،

وقالت فاطمة لما تغشاه الكرب واكرب أبتاه،

فقال:-

لا كرب على أبيك بعد اليوم.

وفي البخاري من حديث أنس رضي الله عنه:-

 أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي لهم، لم يفاجئهم إلا رسول الله

 صلى الله عليه وسلم

قد كشف سجف حجرة عائشة رضي الله عنها فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضحك فنكص أبو بكر رضي الله عنه ليصل الصف وظن أن رسول الله

 صلى الله عليه وسلم

 يريد أن يخرج للصلاة،

قال أنس:-

وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله

صلى الله عليه

فأشار إليهم بيده

 صلى الله عليه وسلم

أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر،

 زاد في رواية

فتوفي من يومه، واجتمع حوله أصحابه يبكون،

قالت عائشة رضي الله عنها:-

توفي رسول الله

صلى الله عليه وسلم

في بيتي وبين سحري ونحري، والمراد أنه توفي وهو في حجرها وكان أبو بكر رضي الله عنه غائبا فسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه سيفه وتوعد من يقول:-

 مات رسول الله

 صلى الله عليه وسلم

مع أنه سمع خطبة رسول الله

 صلى الله عليه وسلم

 التي قال فيها:-

 «يا أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم، هل خلد نبي قبلي فيمن بعث إليه فأخلد فيكم،

 ألا إني لاحق بربي».

 فأقبل أبو بكر رضي الله عنه حين بلغه الخبر إلى بيت عائشة رضي الله عنها فكشف عن وجه رسول الله فجثا يقبله ويبكي ثم خرج فقال:- أيها الحالف على رسلك،

فلما تكلم أبو بكر رضي الله عنه جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثم قال:-

(ألا من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت)

وقد قال تعالى:-

{إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ}

 (الزمر: ٣٠)،

وقال:-

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ}

(آل عمران: ١٤٤)

 فنشج الناس يبكون رواه البخاري، فكان أجزع الناس كلهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما سمع قول أبي بكر قال:-

فوالله لكأني لم أتل هذه الآية قط.

ووقوف أبي بكر هذا الموقف يدل على رباطة جأشه عند الكروب وضبط النفس وعلى حكمته وشجاعته،

 فإن رسول الله لما توفي طاشت العقول فمنهم من خبل،

ومنهم من أقعد ولم يطق القيام، ومنهم من أخرس فلم يطق الكلام، ومنهم من أضنى وكان عمر رضي الله عنه ممن خبل،

وكان عثمان رضي الله عنه ممن أخرس فكان لا يستطيع أن يتكلم، وكان علي رضي الله عنه ممن أقعد فلم يستطع أن يتحرك،

وأضنى عبد الله بن أنيس فمات كمدا وكان أثبتهم أبو بكر،

قال القرطبي:-

 وهذا أول دليل على كمال شجاعة الصديق رضي الله عنه لأن الشجاعة هي ثبوت القلوب عند حلول المصائب ولا مصيبة أعظم من موت رسول الله فظهرت عنده شجاعة الصديق وعلمه رضي الله عنه.

ورُوي أن بلالا رضي الله عنه كان يؤذن بعد وفاته

صلى الله عليه وسلم وقبل دفنه فإذا قال:-

 أشهد أن محمدا رسول الله ارتج المسجد بالبكاء والنحيب.

وكانت وفاته صلى الله عليه وسلم

يوم الاثنين في شهر ربيع الأول سنة ١١ هـ قمرية بلا خلاف،

واختلف في أي الاثنين كانت وفاته فقال فقهاء الحجاز:-

 إن رسول الله قبض يوم الاثنين لليلتين مضتا من شهر ربيع الأول، وقال الواقدي:-

توفي يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول،

ودفن من الغد نصف النهار حين زاغت الشمس وذلك يوم الثلاثاء ، وكان عمره ثلاثا وستين سنة قمريّة، ورثته عمته صفية،

وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وأبو بكر، وحسان بن ثابت وغيرهم.

وغسلوه

صلى الله عليه وسلم

 وعليه قميصه يضعون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص غسله علي بن أبي طالب رضي الله عنه والماء من بئر غرس التي بقباء،

وكان العباس وابنه الفضل يعينانه في تقليب جسمه الشريف وكفنوه في ثلاثة أثواب بيض من القطن ليس فيها قميص ولا عمامة، ولما فرغوا من جهازه

صلى الله عليه وسلم

وضع على سريره في بيته ثم دخل الناس عليه

صلى الله عليه وسلم

أرسالا أي جماعات متتابعين يصلون عليه وحفر له

 صلى الله عليه وسلم

 في المكان الذي توفي فيه بعد أن رفعوا فراشه الذي توفي عليه وفرش عليه قطيفه كان يلبسها ويفترشها، قال أبو بكر رضي الله عنه:-

 سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم

يقول:-

«ما مات نبي قط إلا يدفن حيث تقبض روحه»،

 قال علي:-

 وأنا أيضا سمعته، وكان المباشر للحفر أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه، حفر لحدا في موضع فراشه حيث قبض،

ونزل في قبره عمه العباس وعلي والفضل وقثم بن العباس رضي الله عنهم، ورش قبره صلى الله عليه وسلم

بلال بقربة بدأ من قبل رأسه وجعل عليه من حصباء العرصة حمرا وبيضا ورفع قبره عن الأرض قدر شبر.

ولا يفوتنا أن نذكر أن المنافقين أكثروا من التحدث بتأمير أسامة حت بلغ رسول الله فخرج وهو مريض عاصبا رأسه من الصداع فرد عليهم،

 ومما قاله في هذا الشأن:-

«قد بلغني أن أقواما يقولون في إمارة أسامة ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله وإن كان أبوه لخليقا للإمارة وإنه لخليق لها فأنفذوا بعث أسامة»، وهذا يدل على أن رسول الله كان مهتما لآخر لحظة في حياته ببعث أسامة وبشؤون المسلمين وتوحيد كلمتهم.

وقد توفي رسول الله

صلى الله عليه وسلم

 ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله وما ترك دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا،

 عن عائشة رضي الله عنها:-

«ولقد مات وما في بيتي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي فأكلت منه حتى طال علي فأكلته ففني فيا ليلتني لم آكله»،

وروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، توفي رسول الله

 صلى الله عليه وسلم

ولم يشبع هو ولا أهل بيته من خبز الشعير،

وما ترك رسول الله إلا سلاحه وبغلته وأرضا جعلها صدقة.

ما أروع !رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار