
السمات المطلوبة لتحقيق الهدف
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد ينبغي أن يكون لكل إنسان هدف يسعي من أجله، ويجد ويجتهد من اجل تحقيقه، وإن من السمات المطلوبة لتحقيق أي هدف هو المرونة، حيث إن أنشطة جميع البشر، تخضع لعدد من النظم المفتوحة، ومن ثم فإن النتائج التي نتطلع إلى الحصول عليها، تظل في دائرة التوقع والتخمين، حين يرسم الإنسان هدفا، فإنه يرسمه على أساس من التقييم.
للعوامل الموجودة خارج طبيعة عمله، وخارج إرادته، وهذه العوامل كثيرا ما يتم تقييمها على نحو خاطئ، كما أنها عرضة للتغير، بالإضافة إلى أن إمكاناتنا التي سوف نستخدمها في ذلك هي الأخرى متغيرة، ولهذا كله فإن الهدف يجب أن يكون مرنا، أي له حدود دنيا، وله حدود عليا، وذلك كأن يخطط أحدنا لأن يقرأ في اليوم ما بين ساعتين إلى أربع ساعات، أو يزور ثلاثة من الإخوة إلى خمسة وهكذا، وهذه المرونة تخفف من ضغط الأهداف علينا، فالناس يشعرون حيال كثير من أهدافهم أنها التزامات أكثر منها واجبات، والإلتزام بحاجة دائما إلى درجة من الحرية، وسيكون من الضار بنا تحوّل الأهداف إلى قيود صارمة، وحواجز منيعة في وجه تلبية رغبات شخصية كثيرة، وكما أن من السمات المطلوبة في الهدف هو الوضوح.
وهذه السمة من السمات المهمة للهدف الجيد، حيث لا تكاد تخلو حياة أي إنسان من الرغبة في تحقيق بعض الأمور، لكن الملاحظ أن قلة قليلة من الناس، تملك أهدافا واضحة ومحددة، ولذا فمن السهل أن يتهم الإنسان نفسه أو غيره بأنه لم يتقدم بإتجاه أهدافه خطوة واحدة خلال عشرين سنة، مع أنك لا تراه خلال تلك المدة إلا منهمكا ومتابعا بما يعتقد أنه هدف يستحق العناء، وإنه يمكن القول بسهولة إن كل هدف ليس معه معيار لقياسه وللكشف عما أنجز منه، وما بقي ليس بهدف، ولذا فإن من يملك أهدافا واضحة يحدثك دائما عن إنجازاته، وعن العقبات التي تواجهه، وأما من لا يملك أهدافا واضحة، فتجده مضطربا، فتارة يحدثك أنه حقق الكثير الكثير، وتارة يحدثك عن خيبته وإخفاقه، إنه كمن يضرب في بيداء، تعتسفه السبل، وتشتته مفارق الطرق.
السمات المطلوبة لتحقيق الهدف
نجد هذا بصورة أوضح لدى الجماعات، فالجماعة التي لا تملك أهدافا واضحة محددة، تظل مشتتة الرأي في حجم ما أنجزته، ولا يكاد خمسة من أبنائها يتفقون في تقويمهم لذلك، لا يكفي أن يكون الهدف واضحا، بل لا بد من تحديد توقيت لإنجازه، فالزمان ليس ملكا لنا إلى ما لا نهاية، وطاقاتنا قابلة للنفاد، ثم إن القيمة الحقيقية للأهداف، لا تتبلور إلا من خلال الوقت الذي يستغرقه الوصول إليها، والجهد والتكاليف التي نحتاجها، ولهذا كله فالبديل عن وضوح الهدف، ووضوح تكاليفه المتنوعة، ليس سوى العبث والهدر والإستسلام للأماني الخادعة، وإن من أسباب ضبابية أهدافنا هو أننا لا نبذل جهدا كافيا في رسمها وتحديدها، وهذا لا يؤدي إلى إنعدام إمكانية قياسها فحسب، وإنما يؤدي أيضا إلى إدراكها بطريقة مبتذلة أو رتيبة.
مما يفقدها القدرة على توليد الطاقة المطلوبة لإنجازه سنعمل الكثير من أجل أهدافنا إذا أدركنا أنه عن طريقها تتم الصياغة النهائية لوجودنا، ولله الأمر من قبل ومن بعد.