اخبار

الشذوذ الجنسي في مصر: بين غياب الوعي وغزو الثقافات الغربية

الشذوذ الجنسي في مصر: بين غياب الوعي وغزو الثقافات الغربية

  بقلم إسلام عصام

في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، ومع الغزو الثقافي الغربي الذي فرض نفسه على المجتمعات العربية والإسلامية، أصبحت قضايا مثل الشذوذ الجنسي مثار جدل واسع في الشارع المصري. ومع أن الشعب المصري في معظمه لا يعترف بهذه الظاهرة صراحة، إلا أن شواهد انتشارها أصبحت تفرض نفسها على الواقع، وسط غياب شبه تام للوعي الجنسي والثقافة الجنسية السليمة.

الشذوذ الجنسي – أو ما يُعرف علميًّا بالمثلية الجنسية – هو الانجذاب العاطفي أو الجنسي لشخص من نفس الجنس، سواء كان ذكراً أم أنثى. وقد استخدمت الثقافة الإسلامية مصطلحي “اللواط” للمثلية بين الذكور و”السحاق” للمثليات. ومن الجدير بالذكر أن المنظمات الطبية العالمية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، قد أخرجت المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية منذ عام 1990م، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والاجتماعية بمختلف الدول، ومنها مصر.

ورغم أن القانون المصري لا ينص صراحة على تجريم المثلية الجنسية بمسماها المباشر، إلا أن هناك نصوصاً قانونية يتم استخدامها لمعاقبة الأفعال المثلية، أبرزها قانون مكافحة الدعارة رقم (10) لسنة 1961م، والذي ينص على معاقبة الأفعال الفاضحة في الأماكن العامة، والتحريض على الفسق والفجور، وانتهاك قيم المجتمع والأسرة المصرية. وتتراوح العقوبات ما بين الحبس لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، والغرامة المالية، وأحكام المراقبة الشرطية.

ومن أشهر القضايا المثارة في هذا السياق، قضية الناشطة سارة حجازي عام 2017، التي فتحت باب النقاش مجددًا حول المثلية الجنسية في مصر، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي.

إن أحد الأسباب الجوهرية لانتشار هذه الظاهرة هو غياب الثقافة الجنسية السليمة والواعية في المجتمع المصري، حيث تُعد هذه الثقافة جزءًا أساسياً من التربية، وتهدف إلى تعريف الأفراد بطبيعة العلاقات الجنسية السليمة، وفقًا للضوابط الدينية والاجتماعية، وتحذيرهم من الانحرافات الجنسية والأمراض المنقولة جنسياً.

ومع غياب هذه الثقافة، يلجأ الكثير من الشباب إلى استقاء معلوماتهم من مصادر غير موثوقة، كالأفلام الإباحية والمواقع المشبوهة، التي تروج لأفكار شاذة مثل الشذوذ والجنس الجماعي، وهو ما يؤدي بدوره إلى انحراف السلوك الجنسي لدى البعض، وغياب المفاهيم الصحيحة حول العلاقات الطبيعية.

كذلك، فإن غياب التثقيف الجنسي في المناهج الدراسية، وصمت الأسرة والمجتمع، يترك الأطفال والمراهقين فريسة سهلة للاستغلال والاعتداء الجنسي، أو لتبني أفكار منحرفة لا تتفق مع قيم المجتمع المصري.

أما من الناحية الدينية، فإن الشذوذ الجنسي في الإسلام يُعد من الكبائر العظيمة. فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى:

“ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين” (الأعراف: 80).

وفي السنة النبوية، قال النبي محمد ﷺ:

“من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به” (حديث حسن).

أما في الديانة المسيحية، فإن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وغيرها من الكنائس ترفض المثلية الجنسية رفضًا قاطعًا، مستندة إلى نصوص العهد القديم مثل:

“لا تضاجع ذكرًا مضاجعة امرأة إنه رجس” (سفر اللاويين 18: 22)،

وأيضًا ما جاء في العهد الجديد برسالة بولس إلى أهل رومية:

“لأن نساءهم استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة، وكذلك الذكور أيضًا” (رومية 1: 26-27).

وفي ضوء ما سبق، يتضح أن الشذوذ الجنسي في مصر ليس ظاهرة منفصلة عن الواقع العالمي، بل هو نتيجة حتمية لتفاعل عدة عوامل؛ أبرزها غياب الوعي والثقافة الجنسية السليمة، والانفتاح غير المنضبط على ثقافات مغايرة، إلى جانب ضعف الدور التربوي للأسرة والمؤسسات التعليمية والدينية. لذا، فإن مواجهة هذه الظاهرة لا تكون بالقمع فقط، بل بنشر الوعي الجنسي الصحيح وفق القيم الدينية والأخلاقية، والعمل على تثقيف النشء بوسائل علمية تربوية تحصنهم من الانحرافات الفكرية والسلوكية.

الشذوذ الجنسي في مصر: بين غياب الوعي وغزو الثقافات الغربية

الشذوذ الجنسي في مصر: بين غياب الوعي وغزو الثقافات الغربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى