العرب ما يفرقهم أكثر مما يوحدهم
بقلم / يوسف المقوسي
انها الهاوية. في القعر تماماً. ينقصها فقط أن تنزف أكثر. انتهى زمن الوصف. فلسطين انتهت. البعض ينتظر قيامتها، على يد قطر ، والآخر يتوقع أن تتغير فلسطين قليلاً، ليضخ في عروقها القليل من الحياة العليلة.
سؤال واحد يحتاج إلى اجابات عديدة: لماذا بلغت فلسطين هذه النهاية القاتلة؟ قيل الكثير عن الحركات والأحزاب والفساد والتبعية وانعدام القيم وتخلف السلطات والعلة البنيوية في تكوين كيان لا يقوم بنيانه الا على التوافق وينهار اذا انعدم التوافق.. وكل ذلك صحيح جداً، ومعروف تماماً. انما الحاجة إلى السؤال لماذا ؟
من شروط نجاح الدول،والحكومات مستوى اداء شعوبها. يعني ذلك، أن الشعب مسؤول عن نجاحات الدولة والسلطة او عن كوارثها. المهمة الملقاة على الشعب هي الحفاظ على السوية النظامية، ومنع الفساد، والحكم الرشيد، ورفاهية الناس، على قاعدة انتاج معرفي، وثقافي وصناعي وزراعي وابداعي. نحن لم نكن شيئاً، ولا “الشعوب” العربية كانت بسوية “الشعب”. لذا وصلت المجموعة العربية إلى الحالة العدمية. انظروا إلى الخريطة الممتدة من المحيط إلى الخليج. الخراب عام. التشتت شامل. التخلف سائد. الحكم وراثي مقيت، او استبدادي مجرم، او تقسيمي حاقد… العرب، ما يفرقهم أكبر وأكثر مما يوحدهم. عفوا لقد استعملت فعلاً “يوحدهم”، وهم اقرب إلى أن يكونوا عصابات “حكومية”، وعلى شفا حروب “أخوية” وفي خضم تخلٍ تام عن أي قضية، أي قضية بالتحديد، لها معنى الحياة والحرية والانسانية… هذه الخريطة هي المؤهلة دائماً، بإرادتها، للاشتعال، او للانتقال من جغرافيتها التاريخية، إلى جغرافيا، تكون فيها “اسرائيل”، قائدة لحقبة، عنوانها التخلي عن كل شيء، باستثناء السلطة والمال وطاعة اولياء العالم الحر بقيادة الولايات المتحدة الاميركية.
فلسطين ، ليست وحدها في القعر. الامة كلها في القاع. “الأوطان” كلها في ضياع. كل كيان في اتجاه. هل هذه سورية؟ في أي مأساة هي. من المسؤول؟ أهذا هو العراق؟ بكل اسف نعم. عراق ينزف ويتجزأ. فلسطين. ماذا تبقى منها؟ دول الخليج، عقدت قرانها على اسرائيل. المغرب اين هي؟ في أي مأساة اجتماعية وسياسية؟ هل من حرية ل 400 مليون عربي، ام أن القبضة البوليسية هي السلطة العليا! ماذا تبقى من ليبيا؟ عار ذاك. السودان في جحيم وهو بصدد بيع مواقعه للالتحاق بالتسوية لقاء حفنة من الدعم لسلطة عسكرية- مدنية غير مستقرة.
ويلاحظ، من دون جهد كان، أن كل هذه الخريطة عرفت نوعاً واحداً من الحكم، هو الحكم اللاديموقراطي. الفترات الديموقراطية كانت نادرة، وقد تم اغتيالها منذ زمن .
المواطن اساس الوطن. وأهم صفات المواطن، انه مسؤول عن وطنه، وأنه يسأل عنه، ولا يقبل خللا او اختلال او طعنا للدستور او مخالفة القوانين، او اعتبار السلطة ملكاً، يتوارثه الاحفاد عن الآباء عن الجدود.
المواطن مسؤول ويسأل ويحاسب. القارة العربية فاقدة لهذا المبدأ التأسيسي. المواطن مسؤول عن وطنه. فهو يسائل ويحاسب، فيما الحال هي عكس ذلك. انه موضع اتهام ويسأل عن ولاءاته ويعاتب عليها أن كانت شاذة عن قادة الولاء والتبعية.
وحده المواطن، اللا منتمي إلى مخلفات موروثة ومفروضة، هو المسؤول، ومن مسؤولياته المحاسبة والمساءلة والمحاكمة وإنزال العقاب. العديد من زعماء وحكام العرب ، يعيشون في جنة الممنوعات، على اكتاف واعناق اتباعهم المخلصين والمخصيين، اخلاقيا وانسانياً ووطنياً .