أخبار العالم

القدس الشرقية المحتلة تدفع ثمن التصعيد الإقليمي: شلل اقتصادي يخنق البلدة القديمة

القدس الشرقية المحتلة تدفع ثمن التصعيد الإقليمي: شلل اقتصادي يخنق البلدة القديمة

عبده الشربيني حمام

في أزقة البلدة القديمة في القدس، التي لطالما اعتادت على حركة السياح، تسود اليوم حالة من الجمود والشلل التام. فقد أغلقت الأسواق أبوابها لمدة تزيد عن 12 يومًا، وبات التجار يواجهون أزمة اقتصادية يقولون إنها الأسوأ منذ بداية الحرب قبل أكثر من عام. هذه المرة، لم تكن نتيجة حالة أمنية محلية، بل جاء التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران ليضاعف حالة الركود الاقتصادي في المدينة.
يقول أحد التجار في سوق طريق الواد لشبكة أخبار الشرق بمرارة: «صمدنا طوال عام ونصف أمام تراجع السياحة، لكن الأزمة الأخيرة مع إيران كانت بمثابة رصاصة الرحمة. الأسواق خاوية، والسكان لا يخرجون من منازلهم. لم نعد نخشى سقوط قنبلة بقدر ما نخشى ركودًا قد يستمر لأشهر وربما سنوات».
واندلع التصعيد العسكري الأخير بهجمات إسرائيلية على مواقع إيرانية ورد إيراني بالصواريخ، ما أدى إلى تعطيل الحياة اليومية وإغلاق مناطق واسعة في القدس. ووفقًا لوكالة «رويترز»، وجد عشرات الآلاف من السياح أنفسهم عالقين في المدينة بعد وقف الرحلات الجوية وإغلاق المعابر، ما أدى إلى توقف شبه كامل لحركة التجارة والسياحة.
وعلى الرغم من تدخل الولايات المتحدة الأمريكية والتوسط لوقف الحرب، إلا أن التاجر المقدسي لا يزال يشعر بتداعيات اقتصادية مستمرة بسبب حالة عدم اليقين التي تسود المنطقة.
في تحليل للأزمة، يرى خبراء اقتصاديون أن الوضع الحالي في القدس هو نموذج صارخ لكيفية تحول المدينة إلى ضحية للصراعات الإقليمية، فقد أصبحت القدس ورقة تفاوض في معركة قوى إقليمية دون اعتبار لحياة السكان الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين الحسابات السياسية والعسكرية.
من جانبهم، يؤكد محللون سياسيون أن ما يجري هو انعكاس واضح لغياب مشروع سياسي حقيقي يضع الإنسان الفلسطيني في قلب الأولويات. ويرى المحلل السياسي الفلسطيني جهاد حرب في تصريح حديث: «هذا التصعيد الإقليمي، وما يرافقه من غياب أفق الحل، يُظهر بوضوح كيف يتحول الفلسطينيون إلى مجرد أرقام وخسائر في لعبة لا يتحكمون فيها».
ما يريده التجار في القدس اليوم يتجاوز فكرة الربح والخسارة. إنهم يطالبون بتهدئة حقيقية وإطار سياسي واضح يعيد إليهم القدرة على التخطيط والاستمرار. فالمشكلة لم تعد مجرد أسواق فارغة، بل مستقبلًا مجهولًا يهدد الحياة اليومية لأهل المدينة.
وفي ظل استمرار التوتر الإقليمي، تظل أسواق القدس شاهدة على سؤال مؤلم يطرحه المقدسيون كل جولة تصعيد: إلى متى سنبقى ندفع ثمن معارك تُخاض باسمنا، ولكن ليست من أجلنا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى