المقالات

القدوة بالفعل والعزيمة الصادقة

جريدة موطني

القدوة بالفعل والعزيمة الصادقة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 30 أكتوبر 2024

القدوة بالفعل والعزيمة الصادقة
الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، فلم يجدوا حرجا في الإحتكام إلى شريعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن من بواعث السخرية الإستهزاء هو الفراغ وحب الضحك على الآخرين، فإن الإنسان حين يفقد الهدف الأسمى الذي من أجله جاء لهذه الحياة وهو عبادة الله وحده لا شريك له حين يفقد ذلك يحس ولا شك بفراغ قاتل في حياته، لذا سرعان ما يتجه لدروب الشيطان التي تملأ عليه الفراغ ولو كان ذلك بالإستهزاء بالله وآياته، ورسوله والمؤمنين وبعض النفوس المريضة لا تتلذذ إلا بالضحك على الناس والإستهزاء بهم.

والسخرية بخلقتهم وأفعالهم والافتراء عليهم وقد حذر المصطفى صلى الله عليه وسلم من هذا الخلق، فقال في الحديث الصحيح ” وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة ” وقد تجلى ثبات النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم لله تعالى في عبادته وجهاده ونصحه للمسلمين ودعوته وأمره ونهيه، وظهر ذلك جليا من خلال ما تم إيراده في الفقرة السابقة، إذ ثبت أمام الإغراءات والتهديدات، ولم يتزحزح أو يتراجع، بل حاصروه وأهله في شعب أبي طالب ثلاث سنين حتى بلغ منهم الجهد مبلغه وأخذوا يأكلون الأوراق والجلود، وكان يسمع صوت النساء والصبيان يتصايحون من الجوع، فما فل ذلك من عزيمته صلى الله عليه وسلم ولا توقف عن دعوته.

بل إستمر وصبر وتحمل ودوام عليها، ووضعوا سلا الجزور على ظهره وهو ساجد، وحثوا التراب في وجهه وأدموا قدميه، وشجوا وجهه، وكسروا رباعيته، ومع هذا ظل صلى الله عليه وسلم ماضيا في سبيله يدعو إلى الله تعالى، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على بصيرة صلى الله عليه وسلم، هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم لنا القدوة بالفعل والعزيمة الصادقة فعلا، إنه صدق الإيمان وعزمه وقوة الثبات والتحمل الذي ينبغي أن يكون عليه كل مسلم مؤمن، وكل داعية إلى الله فإن توفر قوة العقيدة وثباتها زالت وهانت بسببها كل المصائب والمحن، وإستلذها الداعية إلى الله، هذا هو اليقين وهو التوكل على الله، وهو الدافع الأسمى للثبات على المبدأ، وعلى العقيدة والصبر والتحمل.

ومن أهم المجالات العملية التي تبين لنا علو همة النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرته الدعوية مبادرته في بناء المسجد النبوي، فأول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم هو بناء المسجد لأنه هو الذي يمثل حياة المسلمين وعباداتهم، فكان لابد من معلم إسلامي يمثل الدولة الإسلامية الجديدة، ويرسخ دعائمها، انطلاقا من الإيمان بالله وتطبيقا لشرائع دينه سبحانه، فهذا تأكيد على مبادرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومشاركته الصحابة في بناء المسجد وتشجيعه لهم في أثناء العمل، فكان ينقل معهم اللبن ويقول ” اللهم لا عيش إلا عيش الآخره فاغفر للأنصار والمهاجرين ” وقال الرازي واصفا هذا العمل من النبي صلى الله عليه وسلم أما قوله تعالي ” علي تقوي من الله ورضوانه ”

أي للخوف من عقاب الله والرغبة في ثوابه، وذلك لأن الطاعة لا تكون طاعة إلا عند هذه الرهبة والرغبة، وحاصل الكلام أن الباني لما بنى ذلك البناء لوجه الله تعالى وللرهبة من عقابه، والرغبة في ثوابه، كان ذلك البناء أفضل وأكمل من البناء الذي بناه الباني لداعية الكفر بالله والإضرار بعباد الله.

القدوة بالفعل والعزيمة الصادقة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار