ادب وثقافة

القوة الناعمة

جريدة موطني

القوة الناعمةhttps://mawtany.com/wp-admin/post-new.php القوة الناعمة
فرج احمد فرج
باحث انثرويولوجيا

هل نعتبر اغاني المهرجانات ظاهرة ثقافية – او نسميها اغاني ثقافة الفقراء ،او موروث حضاري.ثقافي توارثه المصريون عبر الحقب.
عرف البشر الموسيقى منذ وجودهم على الأرض عن طريق الأصوات الطبيعية كضرب الحجارة ببعضها البعض مثلًا، ثم تطورت لاحقًا مع كثرة الاكتشافات التي طورها الإنسان وصولًا إلى الأدوات الموسيقية الخاصة لعزف الموسيقى .
الآلات الموسيقية المصاحبة بحيث يمكن أن يؤديها مطرب واحد أو أكثر.
بشكل عام ، يمكن غناء الأغاني من قبل مطرب واحد أو أكثر ، وبالتالي يمكن أيضًا أن يؤديها مجموعة من المطربين مثل ثنائي أو ثلاثي أو أكثر من المطربين ، على سبيل المثال ، مجموعات الكورال أو الفرق الموسيقية.
تعتبر الأغاني من الأعمال الموسيقية لأنه من الضروري طوال فترة إنشائها أن تكون مصدر إلهام وتخصيص وقت لتكوينها ومعرفتها وشغفها بالموسيقى.
يجب أن تنقل كلمات الأغاني الرسائل التي يرغب فيها من يكتبها ومن يفسرها ، ومن ثم فهي تعتبر تعبيرًا فنيًا صنعه الإنسان وصنعه طوال تطوره البشري.
الأغاني الشعبية من جانبهم ، هم جزء من الهوية الثقافية لبلد أو منطقة حيث يفحصون التقاليد المختلفة من خلال المؤلفات الموسيقية وكلمات الأغاني التي تحكي قصصًا أو عادات مجموعات اجتماعية مختلفة.
عادة ما تكون الأغاني الشعبية في المجال العام ، ولها تأليف مجهول ويتم نقلها من جيل إلى جيل عبر تاريخ الشعوب.
وعادة ما يكون للأغاني الشعبية مؤلف وتحميها حقوق الملكية الفكرية. ومع ذلك ، في هذه الأنواع من الأغاني ، من الشائع جدًا أن يعمل المطرب بالتعاون مع مؤلفين موسيقيين آخرين لكتابة وتأليف مقطوعة موسيقية.
الأغاني الشعبية ، على عكس الأغاني الغنائية أو الشعبية ، لها بنية موسيقية بسيطة يمكن أن تختلف وتكون أكثر تعقيدًا ، ولكن ليس أكثر من ذلك بكثير.
وهي الان اكثر شيوعا رغم التلون بالاصوات والالحان الا انها مازالت ارهاث ومنتج شعبي نابع من الثقافة المنتشرة التي تدعوا الي اكتساب الحقوق والحبيب بالقوة وتحت اي مؤثر ووجدنا ذلك في اغاني الحشيش والكاس والمخدرات ، واصبحت لا تهتم بجمال الصوت فيكفي رتم التمايل المؤخوذ من دقات الزار وحلقات الذكر عند جماعات الصوفية مع التصفيق باليد والتمايل والتنطيط مثل السكاري في مشهد تفريغ الكبت والطاقات السلبية المثقلين بها من بين الأنواع الموسيقية للأغاني الشعبية يمكن تسميتها: البوب ​​، والروك ، والروك أند رول ، والسالسا ، والميرينجو ، والقصص ، والراب ، والريغي ، والبلوز ، والجاز ، والريغيتون ، والكومبيا ، والهيفي ميتال ، وغيرها.
وهل تعتبر هذه الانواع التي انتشرت من الكلمات المتقطعة والمدغمة والملمومة والملتصقة ببعضها وتؤدي بسرعة كبيرة لاتدع لك فرصة لفهم او تحديد الكلمة .. الا بعد ان تكتب .. فتجد نفسك امام موضوعات ليس بها صلة ببعضها البعض غير ان رتم الموسيقي والحركات التي يؤودوها باجسادهم وايديهم والجري علي المسرح بملابسهم الغريبه من الموديلات والهلاهيل التي يلبسونها والشرائط المتدلية علي اكتفاهم وامساكهم والجري بالميكرفون والاشارات البذيئة بايديهم .. تلهب حماس المشاهديدين المخدرين والغائبين عن الوعي وكانهم في سكرتهم يعمهون .
هل هي نوع من الفلكلور او اغاني الافراح او من التراث -او افراز احوال المجتمع سواء اجتماعية او سياسية او دينية او لعوامل خارجية.
الانثربولوجيا الثقافية بوجه عام تدرس الانسان من حيث هو عضو في مجتمع له ثقافة معينة . وعلي هذا الانسان ان يمارس سلوكا يتوافق مع سلوك الافراد في المجتمع (الجماعة ) المحيط به ويتحلي بقيمه وعاداته ويدين بنظامه العام ويتحدث بلغة قومه الشائعة والعامة .
ان تحديد الكيفية التي يحول بها انتاج فكري , كالقاص او المسرح او الاغاني او السينما مثلا ،معطيات الواقع الحال، لا يكفي بل لابد من ابراز الوظيفة -الوظيفة الاجتماعية السياسية لهذا الانتاج الفني ولاسيما ان المنتجين ينتمون الي فئات من المثقفين يؤدون ادوارا قد يعاونها او لا يعاونها لصالح اصناف او طبقات اجتماعية معينة.
ان دراسة الوسط الثقافي تكشف عن الالية السيكولوجية التي توجه سلوك الفرد وتصرف النزعة العدوانية في مجالات تنفيس مهذب ، والمثال علي ذلك في بعض النظم الاجتماعية لا يسمح فقط بل يجب ان يسمع اصحاب السلطة السخرية واللوم واللعنات من رعايهم بسبب المظالم التي ارتكبوها . ومن هذا المنطلق تهتم الانثروبولوجيا الثقافية بالتراث والحياة داخل نطاق المجتمع ويمكن بواستطتها الخوض في جوهر الثقافات المختلفة ومعرفة كيف تحيا الامم
ان وسائل الاتصالات الحديثة هي التي اعطت هذه الظاهرة كل هذا الزخم من الشهرة وما يسمي الترند والحداثة والغرابة والصخب، تلك المقومات تمنحها قدرة أكبر على تحقيق انتشار أوسع خلال زمن أقل، نظراً لأنها تكون الأكثر ملائمة لتجمعات الشباب مثل الحفلات الصيفية وحفلات الأفراح والمناسبات الخاصة وغير ذلك، هذا أحد أسباب انتشارها في أوساط وبين فئات كانت تبدي ازدرائها في وقت سابق، هذا قد يُفسر إدراجها ضمن قوائم الأكثر استماعاً لكنها قد لا توجد بالضرورة -أو بنفس الكثافة- في قوائم التفضيلات الشخصية. تحقق أغاني المهرجانات نسب استماع مهولة وهذا واقع لا يمكن إنكاره.
أغاني المهرجانات… مرآة صادمة يرفض المجتمع المصري النظر فيها
انتشرت بإيقاعها الصاخب المصاحب للرقص الشعبي… ومنتقدوها يعدونها كارثة وتدميرا للذوق العام.
ان ما دفعني لهذه الظاهرة ما تجاذبه بعض كتاب الصحف والقاء التهم والعبئ الاكبر علي القائمين علي المنتج الثقافي ولانها عنصر هام من عناصر القوة الناعمة للدول وخاصة مصر لها باع طويل في قيادة هذه الثقافة لعقود طويلة ، فكان الفنانين المصريين يستقبلون في كافة الدول ليس كسفراء بل بمقابلة الزعماء والرؤساء وكان دورهم الريادي لم يقف عند تقديم فنونهم فقط بل كانوا داعمين لقضايا وطنهم كحملة السيدة ام كلثوم في دعم الانتاج الحربي وفناني مصر وضعوا اكثر من موسيقي السلام الوطني لبعض الدول واسسوا معاهد الفنون في تلك الدول ودربوا الفنانين اضافة الي المسرح والسينما التي شكلت وجدان تلك الامم وساندت قضايهم .
هذا قليل من كثير امام ما نراه الان من اشباه فنانين تدعوهم الدول العربية لتقديم التفاهة والسخافة من العرض والصورة ويكفي ما تظهر به فنانات مصر في مهرجاناتهم وتصدر صورهم الفاضحة وارائهم السطحية والجاهلة التي تنتزع منهم في المقابلات الصحفية والتليفزيونية و التي تتصدر الترند كلام غامض ولا يعاقب عليه القانون – فالمؤدي يقول والاف امامة يرددون هذا الكلام وانظر لحفلاتهم – اصبحوا مؤدين لا صوت ولا طرب ولكن الايقاع الرتيب والراقص – يفعل نفس الشيئ – فهي هتافات سلمية .
والدليل اننا لم نري الشرطي او حماة القيم والاخلاق اخذت موقفا في ان تحجر علي هذه الافعال .وكلما اخذت ضدهم بعض التدابير للفرملة – نجد جهات خارجية تحميهم وتقدرهم وتجذل لهم العطاء بالذهب والاموال والتقدير المعنوي وفرص الاستمرار وانظر هذه الجهات كيف اختارت غير ” الجهلة والفقراء ” وجعلت منهم اغنياء في يوم وليلة واعطت لهم السيارات الفارهة واشترت لهم القصور – حتي افقدتهم صوابهم الي حد السفه كما فعل بعضهم في ان يلقي الاموال في الماء وعلي الارض وفي لقطة مضحكة ان يلقي علي من اعطوا له الاموال ، فنحن امام “مقولة اعطي السفهاء الاغبياء “– التي لم يستوعب اي جهد بذله في اقتنائها ولم يعرف كيف يتصرف فيها غير ان يعوض كل ما كان محروم منه وسنين الفقر والبؤس التي كان يعيشها بهذه التصرفات الرعناء.
وامراء واميرات الخليج الذين يهدون مطربي المهرجانات السيارات الفارهة واحدهم قبل سيارة مطلية بالذهب وفي احتفالية خليجية اهدي سيف مطلي بالذهب ” السؤال لماذا؟”
جعلنا ننظر من الاخر فوجدنا الرعاة الاصليين لهؤلاء هم اعداء مصر الحقيقين والذين اعلنوا الدفاع عنهم حينما ضبتطهم الكاميرا وهم في احضانهم .
وفي غفلة من الزمن وجيوش المحللين وكتائب الخبراء، انتشرت المهرجانات في أواصل المجتمع المصري انتشار النار في الهشيم.
مكونات الهشيم كثيرة وسريعة الاشتعال. كبت وقهر وحرمان وفقر وزحام وتدني تعليم وانهيار ثقافي وتطرف ديني وتقلص فرص مع تمكين مفاجئ شبه كامل من تقنيات تتيح التعبير. كلمات أولى أغنيات المهرجانات “مهرجان السلام” تحمل تهديداً ووعيداً لفئة “المرشدين” التي كانت منتشرة في أغلب المناطق الشعبية والعشوائية، وهي “مهنة” مموهة يشتغل بها البعض حيث يقوم بمهمة الإبلاغ عن تجار ومدمني المخدرات والنصابين والضالعين في أعمال منافية للقانون من جيرانهم وأصدقائهم في المنطقة التي يعيشون فيها
نادراً ما تنتشر أغنية مهرجانات تتناول سهر الحبيب وبكاءه على باب حبيبته، أو تغني شخص بحب تراب الوطن، أو ما شابه. الموجود هو إخبار الحبيبة بأن قرار الهجر يعني إنها الخاسرة وأن الحبيب سيجد من هي أفضل منها مئة مرة. ورغم أن حب الوطن موجود في المهرجانات، إلا أنه ليس حباً في المطلق، لكنه لوم للوطن على قسوة المعاملة وقلة الفرص وضيق ذات اليد يتخصص فيها اغاني الراب والهيب هوب بالورقة والقلم .
ونحن هنا نقول من خلال الدراسة – انها ليست افراز ثقافة الفقر فقط – بل نقول اذا كانت كذلك فلماذا وجدت صدي كبير بين وسط الطبقات الوسطي والاثرياء ووجدنا ذلك في حفلاتهم في جامعات ابناء الاثرياء الخاصة والتي يدفع فيها الملايين وفي حفلات الاغنياء وشباب طبقة الايليت والصفوة في الساحل وغيرها . وهذا ما دفعنا الي النظر والتدقيق بعمق انها ليست مقتصرة علي فئة واحدة ووجدنا من يسمع ام كلثوم وعبد الحليم يسمعون اغاني المهرجانات والراب – وكاننا كنا في غفلة من الزمان وكأن هذه الظاهرة سقطت علينا من السماء كماء المطر – لا يا سادة ” الظاهرة ” هي نتاج القلق والتحول والفشل والاضطراب الذي عاشه هؤلاء الشباب منذ وقوفهم في الوقفات الصامتة قبل 25 يناير والثوران باعلي صوت طالبين التغير ظنا منهم انه سيكون للافضل والاحسن ولكن ما سرعان ما تحول هذا الي كابوس بسيطرة ثلة ذات افكار عقيدية – ولم تاتي غير بالفشل– وتتابعت الثورة بقوي سلطويه واستمرت فوجدت هذه الفئة العمرية ان ما جاهدوا من اجله من قبل 25 يناير وما بعده – اصبح سرابا – فنحن يا سادة في هذا التوقيت امام لحظات فارقة اما ان نصحح مساراتنا واما سنواجه الفوضي .
فرج احمد فرج
باحث انثروبولوجيا 

القوة الناعمة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار