من هنا نبدأ…
بين يقظة القيادة ومسؤوليات المؤسسات في صناعة المستقبل
د. م. مدحت يوسف
التاريخ: 12 / 12 / 2025
نعيش في العصر الحديث حالة من الزخم المتسارع وكثرة الأحداث المتلاحقة على الساحة الداخلية والخارجية وهي أحداث تتقاطع فيها الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتتولد عنها تحديات مستمرة تحتاج إلى يقظة دائمة وقدرة حقيقية على المتابعة واتخاذ القرار في الوقت المناسب وفي ظل هذا الزخم تظهر بوضوح المتابعة الدقيقة التي تبذلها القيادة السياسية لمختلف التفاصيل التي تمس المجتمع وهي متابعة تعكس اهتماماً بالغاً بالشأن العام وفي الوقت ذاته تكشف عن حجم الأعباء الإضافية التي تتحملها القيادة فوق أعبائها الأساسية في إدارة ملفات الدولة الكبرى
وقد برز هذا الأمر جلياً في التعليق الرئاسي على ما شهدته الساحة الانتخابية من سلوكيات غير منضبطة وما ظهر في بعض الدوائر من ممارسات وسلبيات كان ينبغي احتواؤها مبكراً عبر دور مؤسسي مسؤول كما امتدت الإشارة إلى ما يحدث في الوسط الرياضي من توتر وعدم استقرار وإلى ما يبث أحياناً في الوسط الفني من محتوى لا يعبر عن قيم المجتمع وإلى ما يشهده الوسط التعليمي من قضايا تحتاج إلى متابعة فاعلة هذه التفاصيل الدقيقة تكشف حجم إدراك القيادة لما يجري على أرض الواقع لكنها في الوقت ذاته تفتح الباب أمام تساؤل مشروع حول مدى قيام بعض المسئولين بواجباتهم الأساسية ومدى استعداد المؤسسات للتعامل مع الأحداث دون انتظار توجيه مباشر من أعلى
ولا يمكن إغفال الدور المتعاظم للسوشيال ميديا التي أصبحت اليوم نافذة واسعة تنقل ما يحدث لحظة بلحظة وتكشف المشكلات قبل أن تصل إلى صناع القرار فرغم ما تحمله هذه المنصات من معلومات مغلوطة وشائعات إلا أن تأثيرها الإيجابي أصبح واقعاً لا يمكن تجاهله فهي تساعد في إظهار ما يغيب عن بعض المؤسسات وتجعل متابعة الرأي العام جزءاً أساسياً من مسؤوليات من يتولون إدارة الشأن العام ولهذا فإن تجاهلها أو الاكتفاء بالردود اللحظية لا يعالج القضايا بل يؤجلها
وفي خضم هذا المشهد يظهر الشباب باعتبارهم الطاقة الحقيقية القادرة على دفع الدولة إلى الأمام فالشباب هم عماد التقدم في كل المجالات العلمية والبحثية والابتكارية وهم قادرون على تحقيق التفوق في ميادين الرياضة وصناعة الوعي في الفنون والإعلام والمشاركة في تطوير منظومة التعليم وبناء المحتوى الثقافي والإبداعي كما أن لديهم القدرة على مواكبة التطور التكنولوجي وإنتاج معرفة جديدة تضع مصر في مكانة تنافسية في المحافل الدولية إن الاستثمار في قدرات الشباب وتوفير بيئة داعمة لهم ليس خياراً بل ضرورة وطنية تفرضها متغيرات العصر وتحدياته
إن تدخل القيادة السياسية في بعض القضايا الداخلية لم يكن لإدارة التفاصيل بل كان لحماية المجتمع ومنع تفاقم المشكلات إلا أن استمرار هذا التدخل يضع ضوءاً كاشفاً على غياب الدور الحقيقي لبعض المؤسسات ويشير إلى الحاجة الملحة لإعادة تنظيم المنظومة الإدارية وتفعيل الرقابة الذاتية داخل كل جهة وإرساء ثقافة تعتمد على المبادرة لا الانتظار وعلى المتابعة لا التراخي وعلى العمل المؤسسي لا المعالجات المؤقتة
وفي نهاية المطاف فإن ما نعيشه اليوم هو لحظة فاصلة تتطلب تضافر الجهود بين القيادة والمؤسسات والمجتمع ويأتي الشباب في قلب هذه المعادلة باعتبارهم الشريك الأهم في صناعة المستقبل ومع قدرتهم على الإبداع والتجديد ومع تطوير أداء المؤسسات ومع استخدام السوشيال ميديا كأداة بناء لا هدم يمكن تحويل هذا الزخم الكبير الذي يميز عصرنا إلى قوة دفع حقيقية تنقل الدولة إلى مرحلة أكثر وعياً وإنتاجاً وتقدماً وتجعل مستقبلها متوافقاً مع تطلعات شعبها وطموحات قيادتها
#خطى_الوعي #د_مدحت_يوسف #الأخلاقيات #الهدف #مدحت #التحدي #القيادة_السياسية
صحيفة المصريين بالخارج خطى الوعي DrEng Medhat Youssef Moischool كفرالشيخ والناس الصفحة الأولى نصر مطر

