
المخالفات المرورية القديمة عبئ يستحق المعالجة
بقلم/ لـواء. متقاعد محمد سعيد الحارثي- مدير شرطة العاصمة المقدسة / سابقاً
تراكم المخالفات المرورية المسجله على بعض المواطنين خصوصاً من فئة الشباب والعاطلين عن العمل وبعض كبار السن وفقاً لما بلغني ان البعض مطالب بعشرات الالوف ان لم تتجاوزها الى المئات حتى ان بعضهم لا علاقة له بالقيادة بل انه ضحية استغلال ابن او زوج سجل السيارة باسمه دون ان يكون له أي علاقة ، الامر الذي جعل من تلك المخالفات مع مرور الوقت من مجرد غرامات مالية الى عائق حقيقي يحول دون ممارسة الحياة بشكل طبيعي ورغم ان الدولة ايدها الله منحت المخالفين فرصة بالاستفادة من منحة الاعفاء 50% استفاد منها البعض وحرم منها اخرين لعجزهم عن توفير المبالغ المطلوبة منهم لضخامتها وفقرهم ، ونظراً الى ان بعض تلك المخالفات قد مضى عليها سنوات عدة كان التأخر عن السداد للمرة الاولى مع عدم المتابعه والمحاسبة جعلها تتضاعف فازدادت تراكماً وتكراراً ، واحسب ان بعض ما رصد وسجل من مخالفات في مرحله ما قبل تطبيق ساهر لم يكن يتعلق بالسلامة المرورية كرصد السرعة والاشاره مثلاً بل من المخالفات الثانويةً كتحميل الركاب والتأخر في تجديد رخصة السير او القيادة باعتبار ان ذلك كان امراً سهلاً لبعض رجال المرور اذ يكفيه ان يقوم بالتفتيش والتسجيل. وقد اصبحت تلك المخالفات عائقاً للكثيرين عن العمل او التصرف. وهذا امر سلبي يمثل عبئاً اجتماعياً واقتصادياً وامنياً ينبغي النظر اليه بعين الاصلاح ، فهذه القيود قد تسببت في الحاق اضرار بمن سجلت عليه هذه المخالفات. وقد اخبرني احدهم بأنه بسبب عدم تجديد رخصة قيادته حرم من التعويض من شركة التأمين في الحادث الذي وقع له رغم ان التأمين ساري والرسوم مدفوعة لان الشركة تشترط ان تكون الرخصة مجدده ليتم التعويض كما ان المخالف لا يحق له بيع سيارته ليتمكن من سداد ما عليه من غرامات او يشتري او يقبل طلبه في مراكز التدريب الا بعد السداد. ولذلك فلابد ان يكون هناك حل وخصوصاً للمخالفات القديمة والمرصودة سابقاً بعمل تصفية حتى يبدأوا حياة جديده. وخصوصاً ان المطالبين في الغالب معدمين. ولذلك اقترح الاتي:
اولاً – تطبيق القاعدة الشرعية ( تداخل العقوبة ) بان يعامل من عليه مخالفات عدة سابقاً من نوع واحد كتجاوز الاشارة مثلاً ان يكتفي بواحده.
ثانياً – استبدال الغرامات بالعقوبات البديله كالتطوع في خدمة المجتمع بنظافة المساجد والشوارع وغيرها من اعمال تخدم المجتمع مما يمثل رادعاً.
ثالثاً – ان يكون من ضمن العقوبات لهؤلاء المتخلفين عن السداد إلحاقهم بدورات تأهيلية في مدارس القيادة كشرط لتفعيل رخصة القيادة.
رابعاً – ربط خفض الغرامات بحفظ القرآن الكريم والتسجيل في دورات اصلاحية سلوكية وأخلاقية لتهذيب السلوك وتشجيع الجانب القيمي.
خامساً – تطبيق مبدأ وقف تنفيذ العقوبة للمخالفات السابقة كشرط لعدم تكرار المخالفة خلال فترة محدده. بحيث اذا تكررت ، تفعل العقوبات السابقة. مما يحقق الانضباط.
سادساً – المعاملة بالمثل عند تكرار المخالفة اذا صدرت من السائق مخالفة جديدة يمكن الزامه بسداد ما يماثلها من مخالفاته السابقة كنوع من التصعيد التدريجي في العقوبة.
سابعاً – ينبغي ان لا تكون الغرامات المالية سبباً في الحرمان من العمل. بحيث يتم استيفاءها بعد التحاقه بالخدمة في القطاع الخاص او العام.
ثامناً – لابد من اعادة النظر في موضوع تجديد الرخصه والتأمين ، فليس من المعقول المحاسبه على عدم التأمين في الوقت الذي يحرم فيه من التعويض لان الرخصة غير مجددة.
تاسعاً – اذا كان ولابد يمكن اعطاء فرصة للمخالفين بجدولة الغرامات وتقسيطها على شكل دفعات يراعى فيه دخل المخالف وظروفه المعيشية.
والواقع ان معالجة قضية المخالفات المرورية خاصة المتراكمة لا تعني التساهل مع المخالفين في السابق بقدر ما تعني فتح نافذة امل لإصلاح من تعثرت بهم الظروف ليعودوا الى المجتمع منتجين ومساهمين في تنميته بدلاً من بقاءهم معلقين في قوائم لا حراك فيها. ولذلك فان المرونه في المعالجة لا تقل اهميه عن الانظمة الصارمة بل تكملها وتمنحها بعداً انسانياً وعملياً. ولذلك فإنني امل من الجهات المعنية دراسة هذه المقترحات وتبني ما يمكن تطبيقه منها تحقيقاً للمصلحة العامة ودعماً للاستقرار الاجتماعي خاصة ان المتضررين في الغالب هم مواطنون ومن ذوي الدخل المحدود. والله من وراء القصد.