
المسلم وصيانة حرمة جاره وكرامته
بقلم / محمـــد الدكـــرور
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدينـ أما بعد إن من حقوق الجار على جاره هو أن يسلم عليه إذا رآه، ويعوده في مرضه إذا مرض، وأن يشيع جنازته إن مات، ويواسيه في المصيبة، ويهنئه في الفرح، ويستر ما ينكشف من عورته، ويغض البصر عن محارمه وأهل بيته، ولا يحسده على ما آتاه الله من فضله، وأن يرد غيبته، وإن إستعان به، أعانه، واعلموا بأن إن هناك أحاديث ضعيفة تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الجار، ولكنها لا تصح، ومنها حديث ” الجار قبل الدار ” وهو حديث ضعيف، ومنها حديث “النبي وصى على سابع جار” وهو لا أصل له.
ومنها حديث ” الجيران ثلاثة جار له حق واحد، وهو أدنى الجيران حقا، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق، فأما الذي له حق واحد، فجار مشرك لا رحم له، له حق الجوار، وأما الذي له حقان، فجار مسلم له حق الإسلام وحق الجوار، وأما الذي له ثلاثة حقوق، فجار مسلم ذو رحم، له حق الإسلام وحق الجوار، وحق الرحم ” وهو حديث ضعيف، وإن المسلم الذي يؤمن بالله ورسوله أجدر بحفظ العرض وصيانة حرمة جاره وكرامته، والمسلم الذي يراعي حق جاره وحرمته، يحتمل قدرا من أذية جاره، ويتغاضى عن زلته ويتجاوز عن هفوته، مستشعرا أن بعض ما يصدر من الناس من أخطاء لا يكونون فيها قاصدين ولا لها متعمدين، وأن الخير من الناس من غلب خيره على شره، لا من لا يصدر منه إلا الخير دائما وأبدا.
ومن طلب البراءة في الناس من كل عيب فقد طلب محالا، وأتعب نفسه وأتعب الناس كثيرا، والمسلم الذي يراعي حق جاره وحرمته، يحرص على إكرامه والإحسان إليه بحسب وسعه وطاقته، عالما أن أولى الناس بمعروفه وإحسانه أهله وجيرانه، فتجده طلق الوجه مع جاره، يسلم عليه إذا لقيه، يواسيه في أتراحه، ويهنئه في أفراحه، ينصحه ويرشده إلى الخير بالحكمة والموعظة الحسنة، يعوده إذا مرض، يقضي حاجته، ويفرج كربته، وإن من الإحسان إلى الجار مسلما كان أو غير مسلم هو تقديم الهدية إليه، فقد ذبحت شاة لعبد الله بن عمرو، فلما جاء إلى أهله سألهم قائلا أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”
ويبدأ في الإحسان بالأقرب فالأقرب من الجيران، وكلما كان الجار مسكينا أو يتيما أو أرملة كان حقه أوكد وأوجب، فبقيام الجيران بحقوق بعضهم تجاه بعض يحصل الأنس والوئام والمودة والألفة والانسجام، ويحصل التقدم والرقي والازدهار، فحسن الجوار سبب لعمارة الديار والبركة في الأعمار، ففي الحديث “صلة الرحم، وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار ” نسأل الله تعالي أن يكتب لنا ولكم القبول، وأن يتقبلها منا بقبول حسن، كما أسأله سبحانه وتعالي أن ينفع بها المسلمين وقارئها ومن أعان على نشرها إنه ولي ذلك والقادر عليه، هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا شأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صوابا، فادعوا لي بالقبول والتوفيق، وإن كان خطأ، فاستغفروا لي.
المسلم وصيانة حرمة جاره وكرامته