المقالات

المسلم و رأس التواضع

جريدة موطنى

 المسلم و رأس التواضع

بقلم / محمــــد الدكروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد ربه حتى أتاه اليقين من ربه، صلى عليه وعلى آله وسلم تسليما، أما بعد فإن العزة لا تقع إلا بقدر النزول، ألا ترى أن الماء لما نزل إلى أصل الشجرة صعد إلى أعلاها فكأن سائلا سأله ما صعد بك هنا.

ويعني في رأس الشجرة، وأنت تحت أصلها؟ فكأن لسان حاله يقول من تواضع لله رفعه” وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله ” رأس التواضع أن تضع نفسك عند من دونك في نعمة الدنيا حتى تعلمه أنه ليس لك بدنياك عليه فضل، وأن ترفع نفسك عمن هو فوقك في الدنيا حتى تعلمه أنه ليس بدنياه عليك فضل” وقال الإمام القرطبي رحمه الله ألن جانبك لمن آمن بك وتواضع لهم، وأصله أن الطائر إذا ضمّ فرخه إلى نفسه بسط جناحه، ثم قبضه على الفرخ، فجعل ذلك وصفا لتقريب الإنسان أتباعه والتواضع مفهومه تذلل في القلب وافتقار يكسب الجوارح خضوعا وسكونا فيجمل صاحبه على احترام الناس وتقديرهم، وحسن التعامل معهم على حد سواء، لا يفرق بينهم في التعامل ما داموا مسلمين ولا ينظر إليهم باعتبارات خاصة. 

ويحمل صاحبه أيضا على قبول الحق مهما كان من أي شخص ولو كان أدنى منه منزلة، وسئل الحسن البصري رحمه الله عن التواضع، فقال التواضع أن تخرج من منزلك ولا تلقى مسلما إلا رأيت له عليك فضلا، وسئل الفضيل بن عياض عن التواضع فقال يخضع للحق، وينقاد له، ويقبله ممن قاله، ولو سمعه من صبي قبله، ولو سمعه من أجهل الناس قبله، وقال الإمام ابن كثير رحمه الله يخبر تعالى أن الدار الآخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول، جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين، الذين لا يريدون علوّا في الأرض أي ترفعا على خلق الله وتعاظما عليهم وتجبرا بهم، ولا فسادا فيهم، والتواضع هدوء وسكينة ووقار واتزان، التواضع بشاشة وجه، ولطافة خلق، وحسن معاملة. 

بتمام التواضع وصفائه يتميز الخبيث من الطيب، والأبيض من الأسود، والصادق من الكاذب، وما تواضع أحد لله تعالى، إلا رفعه الله سبحانه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها ” رواه الترمذى، والمتواضع يبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه، كريم الطبع، جميل العشرة، طلق الوجه، رقيق القلب، متواضع من غير ذلة، جواد من غير إسراف، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد ” رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ” رواه مسلم.

المسلم و رأس التواضع

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار