
النسخة الأولى من المحاكمات الصورية بجامعة المنصورة.
: نقلة نوعية في التعليم القانوني التطبيقي”
القاهرة : الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في إطار الجهود المستمرة لتطوير التعليم القانوني وتعزيز الجانب العملي لدى طلاب الحقوق، شهدت كلية الحقوق بجامعة المنصورة حدثًا تاريخيًا مع انطلاق النسخة الأولى من المحاكمات الصورية، تحت رعاية أ.د/ وليد الشناوي – عميد الكلية، وإدارة الدكتور حسام حسن – أستاذ القانون المدني ورئيس قسم القانون المدني ومدير العيادة القانونية، وبإشراف م.م/ أماني الحديدي – نائب مدير العيادة القانونية.
هذا الحدث، الذي جاء كمبادرة ريادية من العيادة القانونية بالكلية، يهدف إلى تقديم تجربة تعليمية فريدة تجمع بين النظرية والتطبيق، مما يتيح للطلاب فرصة التعرف على آليات العمل القضائي بشكل مباشر وواقعي. وقد تميزت هذه النسخة الأولى بمشاركة نخبة من القضاة والمحامين الدوليين، الذين أسهموا في إثراء التجربة بأفكارهم القيمة وخبراتهم العملية.
تأتي المحاكمات الصورية كجزء من استراتيجية العيادة القانونية الهادفة إلى تحديث المناهج الأكاديمية بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل الحديث. فبينما يركز التعليم التقليدي على الجانب النظري، فإن هذه المبادرات التطبيقية تسعى إلى:
1. تطوير المهارات العملية: تمكين الطلاب من استخدام المعرفة القانونية في حل المشكلات الواقعية.
2. تعزيز ثقافة المحاكاة: إكساب الطلاب خبرة في الإجراءات القانونية والقضائية.
3. بناء جسور التعاون: تعزيز العلاقة بين الجامعة والمجتمع القانوني من خلال دعوة خبراء محليين ودوليين للمشاركة في الفعاليات.
4. تنمية الوعي القانوني: رفع مستوى الوعي لدى الطلاب بأهمية القوانين ودورها في تحقيق العدالة الاجتماعية.
تحت إشراف مباشر من أ.د/ وليد الشناوي، تم تشكيل فريق عمل متخصص لإعداد وتنظيم هذا الحدث الكبير. وقد أظهر الفريق القدرة على تنفيذ خطط طموحة، حيث تم تحديد مواعيد دقيقة لجميع الجلسات، وضمان توفر جميع المستلزمات اللوجستية اللازمة لنجاح المحاكمة.
من جانب آخر، قام الدكتور حسام حسن بتوجيه الطلاب المشاركين وتزويدهم بالإرشادات اللازمة لضمان أدائهم المميز. كما قامت م.م/ أماني الحديدي بمتابعة التفاصيل الدقيقة للتحضيرات، مما ساهم في تحقيق أعلى مستويات التنظيم والانضباط.
شهدت المحاكمة الصورية حضورًا مميزًا لأكثر من ستة قضاة ومحامين دوليين، الذين قدموا دعمًا كبيرًا للفريق الطلابي. ومن بين هؤلاء الخبراء:
– أ. عبد الرحمن شطا** من شركة “Badran Lawfirm”، الذي قدم رؤية شاملة حول كيفية بناء استراتيجيات الدفاع.
– **أ. عبد الرحمن عبد السلام** من “El-Shafey Lawfirm”، الذي أشاد بالأداء العالي للطلاب وقدم نصائح قيمة حول تقنيات النقاش القانوني.
– أ. محمد عبد الحق من “Abdelhak Lawfirm”، الذي أكد على أهمية احترام الإجراءات القانونية أثناء تقديم المرافعات.
– إنجي إيهاب جبر من “Jurisera Lawfirm”، التي ركزت على دور المرأة في مجال القانون وكيفية تحقيق التوازن بين المهنية والأسرة.
– حبيبة أحمد من “Egypt Law Campus”، التي قدمت دراسات حالة عملية لمساعدة الطلاب على فهم التعقيدات القانونية.
– عبد الله زاهر من البنك الدولي، الذي أضاف بعدًا دوليًا للمحاكمة من خلال مناقشته للقضايا الاقتصادية الكبرى.
– ميار وائل الشامي من كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، التي شاركت خبرتها في مجال القانون الجنائي وقدمت تحليلات دقيقة للقضايا المعروضة.
لم تكن المحاكمة مجرد تجربة تعليمية، بل كانت أيضًا منافسة قوية بين الفرق الطلابية المشاركة. حيث تم تقسيم الطلاب إلى مجموعات مختلفة، وكل مجموعة كانت مسؤولة عن تقديم مرافعاتها أمام القضاة المشرفين. وقد أظهر الطلاب قدرات عالية في البحث القانوني، وتحليل الوقائع، واستخدام القوانين المناسبة لدعم موقفهم.
التحدي لم يكن فقط بين الطلاب، بل كان أيضًا في مواجهة القضايا المعقدة التي تم اختيارها بعناية لاختبار قدراتهم. ومن بين هذه القضايا:
– قضايا تتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية.
– قضايا جنائية تتطلب تحليلًا دقيقًا للأدلة.
– قضايا تجارية تتناول الخلافات المتعلقة بالعقود.
أثبتت المحاكمة الصورية نجاحها الكبير على عدة مستويات:
1. رفع مستوى الطلاب: تمكنت المحاكمة من تحسين مهارات الطلاب في البحث القانوني، والتفكير النقدي، والمرافعة القانونية.
2. تعزيز التعاون الدولي: من خلال مشاركة المحامين الدوليين، تم تعريف الطلاب على أفضل الممارسات العالمية في مجال القانون.
3. تشجيع الإبداع: أظهر الطلاب قدرات غير مسبوقة في تقديم حلول مبتكرة للمشكلات القانونية المعقدة.
4. توسيع شبكة العلاقات: ساعدت الفعالية على بناء علاقات قوية بين الجامعة والمؤسسات القانونية المختلفة.
هذه المحاكمة الصورية ليست سوى بداية لسلسلة من الفعاليات التي تخطط لها العيادة القانونية بكلية الحقوق جامعة المنصورة. فالتحدي مستمر، والمنافسة تزيد قوة، ولكن مع وجود مثل هذا الفريق المؤهل والمتفاني، لا شك أن المستقبل سيكون مليئًا بالإنجازات.
تسعى العيادة القانونية إلى توسيع نطاق هذه المبادرات لتشمل المزيد من الطلاب والجامعات الأخرى، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع الجهات الحكومية وغير الحكومية. كما تخطط لإدخال تقنيات جديدة في التعليم القانوني، مثل المحاكاة الرقمية والتدريب عبر الإنترنت، لمواكبة التطورات التكنولوجية.
إن النسخة الأولى من المحاكمات الصورية بجامعة المنصورة هي نموذج يحتذى به في كيفية دمج التعليم الأكاديمي مع العمل العملي. من خلال رعاية أ.د/ وليد الشناوي وإدارة الدكتور حسام حسن وإشراف م.م/ أماني الحديدي، استطاعت العيادة القانونية أن تخطو خطوة كبيرة نحو تحقيق رؤيتها السامية. وما زال هناك الكثير ليعطيه هذا الفريق المتميز، حيث يجنح دائمًا إلى آفاق جديدة تُعيد تعريف دور الشباب في بناء مجتمع قانوني عادل ومتقدم.
وأختم هذا المقال بمقولة “العدالة ليست مجرد كلمة، بل هي فعل يجب أن نتعلمه ونطبقه.”