الوصية الإسلامية العظيمة بالرضا
الدكروري يكتب عن الوصية الإسلامية العظيمة بالرضا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، فهل عرف التاريخ مثل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؟ الذي حن له جزع النخلة، وليس الجذع فحسب هو الذي منحه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الحب والوداد، فها هو يمر بجبل عظيم في حجمه وسواده وصلابته، والحجارة مضرب المثل في القسوة، فيقول عليه الصلاة والسلام ” أحد جبل يحبنا ونحبه” وها هو يدخل حائط رجل من الأنصار، فيلقى جملا فيقبل عليه الجمل، ويبث إليه الشكاية، فيبادله صلى الله عليه وسلم الوداد والرحمة والمحبة، ويخبرنا عبدالله بن جعفر رضي الله عنه عن قصة ذلك الجمل، فيقول دخل النبي صلى الله عليه وسلم حائطا لرجل من الأنصار، فإذا فيه ناضح له، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه وسراته، فسكن.
فقال “من رب هذا الجمل؟” فجاء شاب من الأنصار، فقال أنا، فقال “ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكاك إليّ، وزعم أنك تجيعه وتدئبه” أى تتعبه وتشقيه، إنه قلب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي عرفت المخلوقات بفطرتها حبّه وعطفه ورحمته، فهفت إليه ليمنحها من حبّه، ويزيل عنها الهم والحزن والرهق، وإن هناك لوصية عظيمة وهي ” وارض بما قسم الله لك تكن أغني الناس” ومعناها أن اقنع بما أعطاك الله، واجعله حظك من الرزق تكن أغنى الناس، إذن ليس حقيقة الغنى كثرة المال لأن كثيرا ممن وسّع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي، فهو يجتهد في الازدياد، ولا يبالي من أين يأتيه، فكأنه فقير لشدة حرصه، وإنما الغنى غنى النفس، والمتصف بغنى النفس يكون قانعا بما رزقه الله، لا يحرص على الازدياد لغير حاجة.
ولا يُلح في الطلب، ولا يلحف في السؤال، بل يرضى بما قسم الله له فكأنه واجد أبدا، والمتصف بفقر النفس على الضد منه، لكونه لا يقنع بما أعطي، بل هو أبدا في طلب الازدياد من أي وجه أمكنه ،ثم إذا فاته المطلوب حزن وأسف، فكأنه فقير من المال لأنه لم يستغني بما أعطي، فكأنه ليس بغني، وأيضا معنى ” ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس” أى ارض بأهلك، بدخلك، بمركبك، بأبنائك، بوظيفتك، تصبح من أغنى الناس، تجد السعادة والطمأنينة، فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي الكريم عليه الصلاة السلام قال “ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغني غني النفس” وإن التركيز على سبل الارتقاء بالدعوة وعلاج معوقاتها ينبغي أن يركز على الأسباب والعوامل التي أدت إلى ظهور هذا المعوق، بدلا من أن يكون على أعراضه وآثاره.
لأن الداعية إذا تعرفت على المعوق تمكنت من معالجة الأسباب الحقيقية له بل وتغلبت عليه بصورة ناجحة فعالة، أما إذا أهملت الأسباب وركزت على علاج الأعراض فإنها لا تضمن علاجا دائما وحقيقيا للمعوق، وحتى لو اختفت الأعراض بصورة مؤقتة، فإنها سرعان ما ترجع من جديد، وقد تبرز على شكل معوق آخر، والطريقة الصحيحة هنا أن يعالج العرض الخارجي والسبب الداخلي في آن واحد، مع إعطاء الأهمية الكبرى لعلاج السبب.