أخبار ومقالات دينية

 العبرة بكمال النهايات

جريدة موطنى

 العبرة بكمال النهايات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس عشرة وأوسع الناس صدرا وأصدقهم لهجة وقد وصفه بعض أصحاب قائلا كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب، وكان صلى الله عليه وسلم يجيب من دعاه، ويقبل الهدية، فقال أنس بن مالك رضي الله عنه خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي “أف” قط وما قال لشيء صنعته لم صنعته ولا لشيء تركته لم تركته، وقال جرير بن عبد الله رضي الله عنه “ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم قط منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم”. 

فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد فكم من إنسان كان مجتهد ثم قصّر في نهاية المطاف؟ والعبرة ليس في كمال البدايات، وإنما العبرة بكمال النهايات فيقول صلي الله عليه وسلم”وإنما الأعمال بالخواتيم” رواه البخاري، ومن أسباب حسن الختام هو النية الصادقة، فينوي المؤمن العمل الصالح، ويكون بينه وبين الله من الأسرار ما لا يعلمه إلا الله، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “من تمنى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه” رواه مسلم، وإن من آثار المحبة الإلهية ومظاهرها هو أن يكون حسن الخاتمة، فعن عمرو بن الحمق رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

“إذا أحب الله عبدا عسله” قالوا ما عسله يا رسول الله؟ قال “يوفق له عملا صالحا بين يدي أجله حتى يرضى عنه جيرانه” أو قال “من حوله” ومعني كلمة “عسّله” بفتح العين والسين المهملتين تشدد وتخفف أي طيّب ثناءه بين الناس، من عسل الطعام يعسله إذا جعل فيه العسل، ذكره الزمخشري، وفي رواية “يفتح له عملا صالحا قبل موته ثم يقبضه عليه” وهو من كلام الراوي لا المصطفى صلى الله عليه وسلم شبّه ما رزقه الله من العمل الصالح الذي طاب ذكره وفاح نشره بالعسل الذي هو الطعام الصالح الذي يحلو به كل شيء ويصلح كل ما خالطه، ذكره الزمخشري، وقال الحكيم الترمذي فهذا عبد أدركته دولة السعادة فأصاب حظه ومراده بعدما قطع عمره في رفض العبودية وتعطيلها وعطل الحدود وأهمل الفرائض. 

فلما قرُب أوان شخوصه إلى الحق أدركته السعادة بذلك الحظ الذي كان سبق له فاستنار الصدر بالنور وانكشف الغطاء، فأدركته الخشية وعظمت مساويه عنده فاستقام أمره فعمل صالحا قليلا فأعطي جزيلا، هذا، ومن أعظم فوائد هذا الحديث أنه حاث على عدم اليأس من محبة الله تعالى مهما عمل ومهما طال به الأجل، واقفا بباب الرحمن الكريم يستجديه إذ الخواتيم لا تعلم حال الحياة ولا تدرك بالعزم ساعة الموت، وإنما هي بتوفيق الله عز وجل.

 العبرة بكمال النهايات

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار