
الوطن ينادي… فهل ما زلت مشغولًا؟
بقلم د . هاني المصري
—————————-——–
في زمنٍ تتعالى فيه الأصوات وتتعدد فيه التحديات، يبقى السؤال الأهم: هل يبدأ الوطن من مشاركتك؟ وهل يكفي أن نحب الوطن دون أن نتحرك لأجله؟ الحقيقة أن الوطن ليس مجرد حدود على الخريطة أو نشيد نردده، بل هو كيان حي يتنفس من خلالنا، وينمو بمقدار ما نمنحه من وقت، ووعي، وإخلاص.
المشاركة ليست خيارًا.. بل مسؤولية
عندما نتحدث عن “المشاركة”، فإننا لا نعني فقط التصويت في الانتخابات أو حضور الفعاليات الوطنية، بل نقصد كل فعل يومي يسهم في بناء الوطن أو حمايته من التراجع. بدءًا من احترام النظام العام، وحماية البيئة، والتطوع في المبادرات المجتمعية، وحتى انتقاد الأخطاء بطريقة بنّاءة.
فهل يدرك المواطن العادي أن امتناعه عن الإدلاء بصوته في قضية تهم مجتمعه قد يسمح للفساد بالتغلغل؟ وهل يعرف أن رمي القمامة في الشارع ليس مجرد سلوك سلبي، بل هو إهانة غير مباشرة للوطن؟ إن كل سلوك سلبي نتبناه هو بمثابة انسحاب من معركة بناء الوطن.
المشاركة تبدأ من الوعي
لا يمكن لمواطن أن يشارك بفعالية دون أن يمتلك وعيًا حقيقيًا بدوره. هذا الوعي لا يُورّث ولا يُلقّن، بل يُكتسب بالتعليم، والانفتاح، والنقاش. لذا فإن أكبر خدمة نقدمها للوطن هي أن نُنمّي عقولنا، ونعيد النظر في المسلمات، ونكون شركاء فاعلين لا متفرجين.
الوطن انعكاس لمواطنيه
إذا أردت أن تعرف مدى صحة أي وطن، فانظر إلى سلوك أفراده. فالوطن ليس أفضل من مجموع أفراده. والشكوى من الواقع دون أن نسهم في تغييره لا تعني شيئًا. من السهل أن ننتقد، لكن الأصعب أن نكون نحن التغيير الذي نرجوه. ومن هنا، تصبح المشاركة ليست فقط حقًا، بل واجبًا أخلاقيًا لا يمكن التخلي عنه.
وختاماً
إن الإجابة على سؤال “هل يبدأ الوطن من مشاركتك؟” يجب أن تكون “نعم”، لا كترديد لعبارة مألوفة، بل كإيمان عميق بأن كل فرد في هذا الوطن هو خلية حيّة، إذا عملت بصدق، انتعش الجسد كله. فلتبدأ اليوم، من موقعك، من سلوكك، من صوتك، لأن الوطن لا يُبنى بالصمت، بل بالفعل.
الوطن ينادي… فهل ما زلت مشغولًا؟