” اليوم العالمي للأسرة ” يبرز اللبنة الأساسية لبناء المجتمع
متابعة – علاء حمدي
قال الدكتور خالد السلامي رئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي لدي دولة الإمارات العربية حول اليوم العالمي للأسرة : في البداية، نقف عند عتبة الزمان، حيث يلتقي الأول من يناير بنا في كل عام، ليس فقط كبداية جديدة للسنة، بل كتذكير عميق بأهمية كيان أزلي – الأسرة. هذا الكيان الذي يشبه الشجرة الوارفة، جذورها غائرة في عمق التاريخ، وفروعها تمتد في كل اتجاه لتصل إلى مستقبل المجتمعات.
في هذا اليوم، نحتفي ليس فقط بمفهوم الأسرة كوحدة اجتماعية، بل نعترف بدورها الجوهري كلبنة أساسية في بناء المجتمعات. الأسرة، هي مثل النواة التي منها تنطلق الحياة، فهي مصدر الأمان والحب، ومنبع القيم والتقاليد التي تنتقل كالإرث الثمين من جيل إلى جيل.
لكن، ما هي الأسرة في جوهرها؟ هل هي مجرد تجمع لأفراد يشتركون في الدم والاسم؟ أم أنها أكثر من ذلك بكثير؟ إنها الحضن الذي يربي، اليد التي ترشد، والقلب الذي يحتضن. في عالم يتسم بالتغير المستمر والسريع، تظل الأسرة هي الثابت الذي يحافظ على توازننا ويمدنا بالقوة والإلهام.
إن الاحتفاء بالأسرة هو بمثابة احتفاء بأساس المجتمع وركيزته الأولى. فكل نجاح نحققه، كل تقدم نشهده، وكل خطوة نخطوها نحو مستقبل أفضل، تجد جذورها في هذه الوحدة الصغيرة التي تعكس الكون بأسره في عيوننا. ففي الأسرة، نتعلم أولى دروس الحياة، نبني أولى علاقاتنا الإنسانية، ونشكل أولى تصوراتنا عن العالم وما يجب أن يكون عليه.
الأسرة كأساس للمجتمع
في رحاب الأسرة، حيث الحب والأمان ينسجان أروع اللوحات، تبدأ رحلة كل فرد في المجتمع. إنها اللبنة الأولى في بناء مجتمع قوي ومتماسك. تمامًا كما تعتمد صلابة البناء على قوة أساساته، كذلك يعتمد استقرار المجتمع وتقدمه على قوة وتماسك أسره. في هذا الجزء من المقال، نغوص في أعماق العلاقات الأسرية لنكتشف كيف تشكل هذه الوحدة الصغيرة الأساس لمجتمع بأكمله.
تبدأ القصة من الداخل، من ذلك الحنان الذي يغمر الطفل منذ لحظاته الأولى، مرورًا بتلك اللحظات التي يتعلم فيها الكلمات الأولى والخطوات الأولى. هذا الدفء والأمان الذي يجده الطفل في كنف أسرته يشكل حجر الزاوية في بناء شخصيته. الأسرة هي المدرسة الأولى حيث يتعلم الطفل قيم الحب، الاحترام، التعاون، والمسؤولية. هذه القيم لا تقتصر أهميتها على الفرد فحسب، بل تمتد لتشكل الأساس الذي يقوم عليه المجتمع ككل.
في الأسرة، يتعلم الفرد أولى دروس التفاعل الاجتماعي. العلاقات بين الأفراد في الأسرة الواحدة تعكس بدقة كيفية تفاعل الأفراد في المجتمع الأكبر. الصدق، الثقة، والتفاهم التي تنمو داخل الأسرة تنتقل بطريقة طبيعية إلى المجتمع، فتزيد من تماسكه وقوته.
لكن دور الأسرة لا يتوقف عند هذا الحد. فهي تعد الحضن الذي يعود إليه الفرد في نهاية كل يوم، ملتمسًا الدعم والتشجيع. هي الملجأ في أوقات الشدة والمصدر الأول للإلهام والطاقة الإيجابية. وفي كل مرة يشعر فيها الفرد بالدعم والتقدير داخل أسرته، يزداد ارتباطه والتزامه تجاه مجتمعه.
الأسرة: نبع السعادة والنماء
في عمق كل زاوية من زوايا حياتنا، تكمن الأسرة كمصدر لا ينضب من السعادة والنماء. هي الحديقة التي تنمو فيها أجمل الزهور، وتتفتح على ألوان الحب والحنان. كل فرد في الأسرة يشبه زهرة فريدة، بتلاتها تتداخل مع بعضها البعض في تناغم، تخلق باقة ملونة ورائعة من العلاقات الإنسانية.
في قلب الأسرة، تكمن السعادة ككنز مدفون. فبكل ضحكة طفل، وبكل قصة تُروى عند الموقد، وبكل لحظة احتضان، تتجدد مشاعر الفرح وتتعزز روابط الود. الأسرة تعلمنا أن السعادة ليست في الأشياء الكبيرة والباهرة فقط، بل في تلك اللحظات الصغيرة التي نقضيها معًا، في الحوارات العابرة والذكريات البسيطة التي تبقى خالدة في الذاكرة.
كما أن الأسرة هي نبع النماء والتطور. من خلالها، نتعلم أولى دروس الحياة، نكتسب القيم والمبادئ التي تشكل شخصياتنا. الأسرة تمنحنا الأمان والدعم، فتكون بمثابة الأرض الخصبة التي تنبت فيها بذور الطموح والإبداع. في كنف الأسرة، نجد الشجاعة لاستكشاف العالم، ونبني الثقة لمواجهة تحديات الحياة.
في النهاية، تعكس الأسرة مرآة الحياة بكل تعقيداتها وجمالها. هي الركيزة التي تقف عليها المجتمعات، وهي القوة التي تدفعنا نحو الأمام، نحو مستقبل مشرق يزدهر بالحب والفرح. في كل يوم، تظل الأسرة هي نبعنا للسعادة والنماء، مهما تغيرت الأزمان والظروف.
التحديات التي تواجه الأسر في العصر الحديث
تواجه الأسر تحديات متعددة تتطلب منا الوقوف عندها بتأمل وعمق. لعل أبرز هذه التحديات هي الأعباء الاقتصادية التي ترزح تحتها كثير من الأسر. مع تزايد تكاليف المعيشة وعدم استقرار سوق العمل، تجد الكثير من الأسر نفسها في معركة دائمة لتوفير الأساسيات، فضلاً عن الرغبة في توفير حياة أفضل لأبنائها.
إلى جانب التحديات الاقتصادية، هناك التحديات الاجتماعية التي تفرض نفسها بقوة. في مجتمعاتنا المعاصرة، يتزايد الضغط على الأسر للحفاظ على تماسكها وتعزيز الروابط بين أفرادها. هذا الضغط يأتي في ظل تغير أدوار الأفراد وتحولات في القيم الاجتماعية، مما يؤدي أحياناً إلى توترات وصراعات داخلية.
ومن الجدير بالذكر أيضاً تأثير التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، الذي يمكن أن يكون سيفاً ذا حدين. من ناحية، توفر هذه الأدوات فرصاً غير مسبوقة للتواصل والتعلم والترفيه. ومن ناحية أخرى، يمكن أن تؤدي إلى العزلة والتفكك الأسري، حيث يجد الأفراد أنفسهم غارقين في عالم افتراضي يبعدهم عن الواقع الحي الذي يشتركون فيه مع أفراد أسرهم.
هذه التحديات تتطلب منا جميعاً – كأفراد، مجتمعات، ومؤسسات – التفكير في سبل مبتكرة وفعالة لدعم الأسر، وتمكينها من التغلب على هذه العقبات، بما يضمن تقوية نسيج المجتمع وضمان استمراره بصحة وعافية.
دور الأسرة في تقدم المجتمع
في الأحضان الدافئة للأسرة، ينبت جذر التقدم الاجتماعي والثقافي. الأسرة، بمثابة البذور التي تنمو في تربة المجتمع، تتفتح كالورود في بستان الحياة، مسهمةً بشكل لا يُحصى في رقي وتقدم المجتمعات.
منذ الأزل، كانت الأسرة هي المحور الذي يدور حوله عجلة التنمية. في كل بيت، تُزرع قيم الحب والاحترام والمسؤولية، وهذه القيم تُنقل من جيل إلى جيل، مكونةً بذلك شبكة متماسكة من الأفكار والعادات التي تشكل النسيج الأساسي للمجتمع.
تبرز أهمية الأسر في تطوير المجتمعات من خلال مثال العائلات التي أسهمت بشكل كبير في مختلف المجالات. سواء أكان ذلك في مجال العلم، حيث أنجبت أسر علماء أثروا في العالم بابتكاراتهم واكتشافاتهم، أو في مجال الفن، حيث تنتقل المواهب والحس الفني عبر الأجيال، مما يعزز الثقافة ويغني التراث الإنساني.
كما لا يمكن إغفال دور الأسر في تعزيز القيم الاجتماعية والأخلاقية، فهي تعلم الأطفال أهمية العطاء والمشاركة والعمل التطوعي، مما يؤدي إلى بناء مجتمعات أكثر تعاوناً وترابطاً.
في النهاية، يمكن القول إن الأسرة ليست مجرد وحدة أساسية في المجتمع، بل هي الركيزة التي تُبنى عليها المجتمعات القوية والمتطورة. من خلال الحب والدعم والتوجيه الذي توفره الأسرة، تزدهر المجتمعات وتتقدم نحو مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً.
في خاتمة مقالنا حول الأسرة كأساس للمجتمع، نؤكد على أن الأسرة لا تُعتبر مجرد وحدة اجتماعية أساسية، بل هي مصدر القوة والدعم والاستقرار لكل فرد فيها. عبر التفاعلات اليومية والتجارب المشتركة، تزرع الأسرة فينا قيم الحب، الثقة، التفاهم والتعاون، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك وقوي.
كما تُعلّمنا الأسرة أهمية التضحية والعطاء، ففيها نتعلم كيف نضع مصلحة الآخرين قبل مصالحنا الشخصية. هذه الدروس القيمة تنتقل من جيل إلى جيل، مشكلة بذلك روابط تمتد عبر الأجيال وتعزز من قوة المجتمع.
وفي الختام، يجب أن ندرك أن الاحتفاء بالأسرة لا يقتصر على يوم واحد في السنة، بل ينبغي أن يكون جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. بتعزيز الوعي حول أهمية الأسرة ودورها الحاسم في تنشئة الأجيال القادمة، نضمن بناء مجتمع أقوى وأكثر تماسكاً وسعادة.
هكذا، بكل ما تحمله الأسرة من قيم ومبادئ، تظل هي الأساس الذي يُبنى عليه المجتمع، فهي بمثابة البذرة التي تنمو وتزدهر لتصبح شجرة وارفة تُظلل المجتمع بأكمله بسعادتها ونمائها.
المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي.