د.عبادة دعدوش
نحن نعلم أنّ خير نهوض لأمة يكون بسواعد شبابها وهمّتهم. ولكن هل هناك ما يمنع انطلاق الشباب واتخاذهم للخطوة الأولى؟
للشباب في العالم مكانة بالغة الأهمية، لأنهم العنصر الأساسي لبناء مستقبل مجتمعاتهم، وهذا ما يدفع المسؤولين إلى خلق مساحة للحوار معهم في كل ما يتعلق بتطورهم ودراسة أهدافهم وإغناء عقولهم بما يحفّزهم على الإبداع واكتشاف المزيد من آفاق التفكير.
في سورية بشكل خاص قد يصعّب متابعة حال الشباب في ظلِّ حرب استهدفت سورية لسنوات مُخلّفة نتائج مدمّرة قضت على مستقبل الشباب وجعلتهم عن أهدافهم وأحلامهم بعيدون، وحدّدت عقولهم بمسؤوليات تفوق مقدرتهم لتأمين قوت العيش، وتحجيم تفكيرهم بما يجعلهم كثيري الملل من المتابعة وقليلي الاهتمام ببناء مهاراتهم رغم الصعوبات.
الشباب العربي اليوم طاقته قوية، وأسوأ ما يُحطّم المجتمع الذي يعيشون فيه هو توجيه تلك الطاقة نحو الأمور التي تزيد تشتيتهم وتجعل سلوكهم غير سليم، الأمر الذي يزيد الفجوة بينهم وبين الأهل والمجتمع بأكمله، فيصبحون في أسوأ حالاتهم وبأولى مراحل التدمير النفسي.
في الواقع السوري المرير الذي نعيشه من تردي الوضع الاقتصادي والغلاء الفاحش وكثرة حالات العنف والغضب، إذ يُحرم الشباب من أبسط حقوقهم، لإكمال مخططاتهم وتحقيق أهدافهم التي كانوا قد عزموا عليها لسبب بسيط وهو انعدام الأمان النفسي والمادي، ممّا يدفعهم لاتخاذ قرارات شبه طائشة إما بالهجرة وإما باختيار طرق مشبوهة للانحراف، وفي الحقيقة حالتهم تلك لا يُلامون عليها لأنهم كبروا في ظروف قاسية ومؤلمة، فهناك العديد من الشباب منذ أن بدأت الحرب في سورية وهم يعيشون بلا هدف يُذكر، منهم من اضطر لترك دراسته لعدم قدرته على تسديد رسوم الجامعة، ومنهم من ترك أهله وهاجر لتأمين نفسه ومساعدة أهله بما يكفيهم للعيش ببعض كرامة، وهناك من ترك حلمه ليأكله الظلام.
لم تعد للشباب أهداف سوى هدف العيش للغد، ولو حاول أحدهم النهوض بمهارة يحبها وقفت في طريقه أعباء ومصاريف لم تكن بالحسبان.
قوة الشباب في ظل ما نعيشه باتت بقدرتهم على الصمود والمحاولة مراراً وتكراراً بعد السقوط والعمل على خلق ما يشبههم ويطور من مواهبهم وإمكاناتهم بعيداً عن ضجيج ما يحدث، وعلى المؤسسات رعاية الشباب والنهوض بعقولهم من جديد لينيروا عتمة دامت لأكثر من عقد.
ما هو اليوم العالمي للشباب؟
يعتبر اليوم العالمي للشباب الذي يصادف 12 آب (أغسطس) مناسبة اجتماعية أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، للتركيز على دور مهارات الشباب في المجتمع الدولي والعربي. وقد أقرّت الأمم المتحدة هذا اليوم ليكون يوماً ثابتاً في تقويم الأيام الرسمية لجميع الدول، فيجري اغتنام هذا اليوم لتدعيم وعي المجتمعات بالصعوبات والمشكلات التي تواجه الشباب في العالم كما يساهم في تعليم الشباب و مساعدتهم وتمكينهم لصنع القرارات الصحيحة وإمكانية تطبيقها على المستوى الفردي والمجتمعي، إضافة إلى مناقشة العديد من القضايا التي تخصهم ومحاولة حلّها.
أهداف يوم الشباب؟
مشاركة الشباب عمليات تطوير المجتمعات.
الاهتمام بقضايا الشباب والاستماع إلى آرائهم.
الشراكة في الأفكار والرؤى المستقبلية للشباب.
الاستماع إلى الشباب من خلال الندوات والجلسات الثقافية والحوارية البناءة.
زيادة وعي الأمة بالتحديات والصعوبات التي تواجه مختلف الشباب.
وأهم هدف لانطلاق يوم الشباب العالمي في سورية هو البدء بحل قضايا الشباب وما يتعرضون له من عقبات والعمل على استثمار طاقاتهم وإبداعاتهم بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالفائدة وتوعيتهم من خلال النوادي الشبابية بضرورة خلق مهارات خاصة تميزهم و تكون لبنة أساسية لمستقبل واعد.
لا يهم ما مضى بقدر ما هو قادم، لذلك كلما كان إنقاذ الشباب من بؤرة الضياع هدفاً أساسياً لدى الأمة لتعمل عليه كان التطور الإيجابي والتقدم الفكري عناصر للنجاح.
كل عام وشبابنا عصب للمجتمعات المتقدمة ونور لأجيال قادمة.
اليوم العالمي للشباب .. و سبل مواجهة التحديات للشباب السوري