• انت لا ظل لك فيسمعك
فوتوكتابية : جاسم العبيدي
تبدو انت هكذا تستبسل لتحيا
بعينيك المنتفختين الذابلتين وشعرك الاشعث وابتسامتك الهادئة ولفائفك التي ملات انحاء الارض حولك وخوفك المبعثر من العابرين
ثياب ممزقة وسخة , ووجه احرقته شمس الظهيرة ,
هموم واحزان وبقايا جسد اضنته الحياة
سيطفو ذات يوم على مياه نهر العشار بأسمال ثيابك الوسخة التي تمزعت
وسيبقى شراع الامل يلثم النهرالغافي على مخلفات الارصفة
لتبدومثل علامات منقوشة بلا قصد على الاسفلت
ملامحك تنحني لكل عابر سبيل يقتحم مثلي عليك جلستك
ابتسم لابتسامتك الباهتة التي تذكرني باولئك البسطاء المنتشرين في بقاع افريقيا ونيجيريا والصومال وغيرها من بقاع الارض
ماتفتأ جلستك تذكرني برغبات الجنون
تجليات المواقف عند العطش ايام الحرب مع الفرس الغازين
ذلك ما يحفر في ماقيك ..يقتلع شبابك الذي يترنح سكرا على الارض الطيينية وانت تجلس مستريحا بلا ماوى من هموم التعب المترجل على ساقيك النحيلتين المنصهرتين على حذاءك المتهري
يكتسح معالم وجهك الانصهار
واي انصهار يكتسحك بين وقود مشتعل لمولدات أبت ان تكمل دورانها بعيدا عنك وماء متعفن لنهر اتخذوه مكبا لنفاياتهم وادرانهم ومغتسلا لموتاهم ايام الحرب
ارض لا تمتلك فيها شبرا واحدا يمنع عنك التشرد والضياع
الحزن يحملني اليك لاغور في اعماق دواخلك
هاهم السياسيون ينظرون اليك من خلف الزجاج المظلل لسياراتهم الفارهة
تتبعهم ضحكات حماياتهم المدججين بالسلاح
هل تدري ياصديق ضياعي ان كل السياسيين عملاء لمن جاء بهم
لم تعد لهم ذمم يعتبرون بها ولا اعين يبصرون بها
يظهرون امامك في تأسيهم
ويختفون في محاجرهم عندما يشعرون بأقدامك تقترب منهم
مسكين انت ايها المتأرجح بين مخلفات موائدهم
لحم الدجاج وبقايا موائد العهر
لاولئك الذين لطخت أصابعنا المشتعلة بالوان أحبارهم البنفسجية
فراحوا ينظرون اليك بتفاهة
الجوع لك ولاحفادك ولامثالك من المجانين الغرباء عن تربة هذا الوطن
الذي باعوه بابخس ثمن
التهميش جوع الفقراء
المنتشرين بين الازقة والشوارع والدروب المغبرة
لم اعبرك لاضع بصمتي على حزمة ورق
بعد سويعات في صحيفة الصباح
فانا صحفي وشاعر ولي معترك وجنون
وانا لا ارتدي عباءة المرجعية لانقذك من الضياع
اسمع صوت النحيب في داخلك
لكنك لاتدري باني احسدك
لانني اكثر منك خيبة
المجانين وحدهم لا يحاسبون
لقد جربوا بي مرارا سيل الرصاص
لكنني مثلك أبيت إلا أن أعيش
اقسم لك ان افكاري وانفاسي تنبض بين حدقات عينيك
فابقى مرتبكا …
تفلت مني فاتبعك
مع ذلك لن اكتفي بالصمت
فللحديث صلات
ولي اهات ساضعها امام الاخرين
سأدس في عيونهم صورتك المهمشة
وساوصل ضحكاتك الى اذانهم الصماء
وغضبتك الى رؤوسهم العفنة
هل ياترى سيتذكرون الجوع
وطيفك يعبرهم وهم يختانون بين احضان محضياتهم
اللواتي يصفقون بجنون
الابواب المفتوحة بوجهك الكالح
ويبصقون عليك بلا مبالاة
تعال معي
وانظر كل شيء
فانا مثلك غريب في بلدي
ربما انت تسير باتجاه واحد
لكنني علي ان اختار منفاي
او قل مذبحي
ربما لان الارض لم تعد تسع
انكساراتي وضعفي
تلك هي غربتي التي لن تكتمل
إلا بتلاطم امواج النهر العاتية
انا وانت معبأين بالقناني الفارغة وعلب السردين
كما النهر المتخثر امامك
سأعلم اصابعي كيف تتلمس جراحك
بلا بلادة
سأقرأ حروف تعبك
فأنت تحاصر قلاعي المنهارة
ترتدي جسدي المتهري
غصص مرارتي
انت ياوطني المسلوب
اراك بعيدا لا مكان لي فيك
لاضع عباءتي وثيابي في رحابك
واغرز عصاي في ثراك
انا وخوفك المتلبس بي
والطريق المسافر باقدامي
لا نهاية للمطاف
شيخوخة وحلم متعب
يمسك براس الليل المظلم
وماذا ستكون النهاية
ساغادر كما تريد
وساستجمع قواي ..واخيم بوجع على الابواب المغلقة
استحم بدموعك علها تشبع نهم المرافئ المهجورة
وساركل بقدمي كل اللحظات الزائفة
وكلمات المواساة
لقد كبا بي جوادي كما كبا بك
لا تتمنى….
لم تعد السماء تستمع اليك
ولا هذا الرصيف المتسخ
ينصت لالامك وصراخك
انت لا ظل لك فيسمعك
ولا سامع لك فيستجيب
كلنا نعيش الالم والامل ولكن الى متى
والى من يشتكي المتعبون ؟