اخبار

بوادر الانفجار الكبير: هل تفاجئ إيران العالم برد غير تقليدي؟

بوادر الانفجار الكبير: هل تفاجئ إيران العالم برد غير تقليدي؟

 

بقلم الجيوفيزيقي محمد عربي نصار

 

في ظل التصعيد المتسارع بين الولايات المتحدة وإيران، تتجه الأنظار نحو “ساعة الرد” التي لا تزال مؤجلة. فبعد سلسلة ضربات أمريكية استهدفت مواقع إيرانية وأذرعها في المنطقة، يزداد التساؤل: كيف سترد طهران؟

البعض يتوقع ضربة صاروخية مباشرة للقواعد الأمريكية في العراق أو الخليج، وآخرون يرجحون تحريك أذرعها الإقليمية في اليمن ولبنان وسوريا.

لكن ماذا لو خالفت إيران كل التوقعات؟

 

السيناريو الأول: ضربات داخل العمق الأمريكي… الخطر القادم من الظلال

 

ربما يبدو للوهلة الأولى أن توجيه ضربات داخل الأراضي الأمريكية هو السيناريو الأبعد، لكنه في الواقع، قد يكون الورقة الأكثر رعبًا – والأكثر فاعلية من وجهة نظر إيرانية.

“الذئاب المنفردة”، أو الخلايا النائمة، يمكن أن تتحرك في توقيت دقيق، لتوجيه ضربة نفسية وسياسية مباشرة داخل الولايات المتحدة. ليس بالضرورة ضربة عسكرية تقليدية، بل ربما هجمات إلكترونية معطِّلة للبنية التحتية، تفجيرات موضعية، أو حتى استهداف رمزي لمرافق ذات طابع استراتيجي.

قد يعتبره البعض ضربًا من الخيال، لكن طهران تدرك أن معركتها مع واشنطن لا تُربح بصواريخ، بل بصدمة تُحدث شرخًا في هيبة الداخل الأمريكي.

لذا، فإن احتمالية هذا السيناريو – وإن بدا جريئًا – تستحق التقدير بـ60% في ظل عقلية “الرد الصادم غير المتوقع” التي اتبعتها إيران سابقًا.

 

السيناريو الثاني: وكلاء طهران يتحركون… الحوثيون في الواجهة من جديد

 

الخيار الثاني – وهو الأكثر كلاسيكية – يتمثل في تحريك الأذرع الإقليمية لطهران، وعلى رأسهم الحوثيون في اليمن، الذين سبق وأن استهدفوا مواقع سعودية وإماراتية، وصولًا إلى الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

كذلك، تبقى جماعات الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، أوراقًا جاهزة للتحرك عند الحاجة، لكن ضمن قواعد اشتباك دقيقة لا تُشعل حربًا مفتوحة.

هذا السيناريو يحقق لإيران هدف الرد دون تحمّل التكلفة المباشرة. ومن هنا، يُقدَّر احتمال حدوثه بـ35%.

 

السيناريو الثالث: الرد الصاروخي المباشر… خيار محفوف بالمخاطر

 

رغم أن الرد الصاروخي المباشر على القواعد الأمريكية في الخليج أو العراق هو السيناريو الأكثر تداولًا في الإعلام، إلا أنه – من وجهة نظر واقعية – يبدو الأقل احتمالًا.

إيران تعلم يقينًا أن هكذا رد سيدفع الولايات المتحدة إلى تصعيد أكبر، ربما يصل إلى ضربات شاملة ضد المنشآت النووية أو البنية العسكرية الإيرانية.

أي ضربة صاروخية ستُفسَّر على أنها “إعلان حرب”، وهو ما لا تريده طهران الآن، خصوصًا في ظل أزمات داخلية اقتصادية، وتوازنات إقليمية دقيقة.

لهذا، فإن احتمال هذا السيناريو لا يتجاوز 15% وفقًا للتقدير المقلوب للمعطيات.

 

لماذا قد تختار إيران طريق المفاجأة؟

بوادر الانفجار الكبير: هل تفاجئ إيران العالم برد غير تقليدي؟

 

التاريخ يُعلِّمنا أن إيران لا ترد وفق ما يتوقعه خصومها، بل تتحرك ضمن مبدأ “الغموض المرعب”. في 2019، فجّرت ناقلات في الخليج بطريقة غير تقليدية. وفي 2020، ردّت على اغتيال قاسم سليماني بصواريخ دون قتلى – رسالة مدروسة دون حرب.

 

واليوم، ومع وجود إدارة أمريكية تبحث عن التوازن بين الردع وعدم الانزلاق نحو حرب كبرى قبل الانتخابات، قد تجد إيران أن أفضل توقيت للمباغتة… هو الآن.

 

ختامًا: هل نحن أمام “بيرل هاربر معكوسة”؟

 

قد لا تكون الحرب القادمة بصواريخ باليستية، بل بشيفرات رقمية، أو انفجارات صامتة، أو ارتباك سياسي في الداخل الأمريكي.

إيران اليوم تقف على مفترق طرق: إما الرد التقليدي الذي يُسعِد الجماهير ويُرضي المتشددين، أو الرد الذكي الذي يربك واشنطن ويُعيد خلط الأوراق.

والسؤال الأهم: هل نحن أمام “بيرل هاربر” جديدة… لكن من طهران هذه المرة؟

بوادر الانفجار الكبير: هل تفاجئ إيران العالم برد غير تقليدي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى