
بين العقل والدين: هل ناصر اليماني مشروع هداية أم خداع جديد؟
✍️ بقلم: محمود سعيد برغش
في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم الإسلامي، وبين لهفة كثيرين للخلاص من واقع مضطرب، تظهر من آن لآخر أصوات تدّعي أنها تملك مفاتيح النجاة. أحد أبرز هذه الأصوات هو ناصر محمد اليماني، الذي يزعم أنه “الإمام المهدي المنتظر”، داعيًا إلى اتباعه وترك ما سواه، بحجة أنه وحده من فهم القرآن فهمًا إلهاميًا لم يُسبق إليه.
فهل نحن أمام مشروع هداية حقيقي؟ أم نسخة جديدة من دعاوى الزيف التي عرفها تاريخ الأمة مرارًا؟
—
📌 من هو المهدي؟ نظرة شرعية لا عاطفية
الاعتقاد بظهور المهدي المنتظر جزء من الموروث الإسلامي، لكنه مرتبط بشروط صارمة دلّت عليها النصوص النبوية. من أهم هذه الصفات أن المهدي لا يسعى للظهور ولا يروج لنفسه، بل يُبايع له الناس كرهًا لا طوعًا، في الحرم المكي، كما جاء في الحديث:
> “يُبايع لرجل بين الركن والمقام، وهو كاره.”
📚 رواه أبو داود
أما أن يظهر شخصٌ عبر الإنترنت، ويطالب الناس بمبايعته من خلف الشاشات، فهذا تصور لا ينسجم مع النصوص الثابتة.
—
🚫 وحي بعد الرسول؟! خط أحمر
من أخطر مزاعم ناصر اليماني ادعاؤه أنه يتلقى “بيانًا من الله”، وهي صيغة توحي بوحي خاص. وهذا يتصادم مباشرة مع صريح القرآن:
> {وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}
📖 [الأحزاب: 40]
وقال ﷺ في حسم واضح:
> “لا نبي بعدي.”
📚 رواه البخاري ومسلم
أي ادعاء لتلقي وحي بعد الرسول هو خروج بيّن عن عقيدة الإسلام.
—
📚 السنة النبوية.. لا غنى عنها لفهم القرآن
اليماني يدعو إلى “القرآن وكفى”، وينكر السنة النبوية تمامًا، متجاهلًا أن القرآن نفسه أمرنا باتباع الرسول ﷺ، فقال:
> {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}
📖 [الحشر: 7]
وقال ﷺ:
> “أوتيت القرآن ومثله معه.”
📚 رواه أبو داود
الاستغناء عن السنة يعني تعطيلًا للشريعة، وضياعًا لفقه الصلاة، والزكاة، وسائر العبادات.
—
🔍 تفاسير خارج السياق
يعتمد ناصر اليماني على تأويلات ذاتية للنصوص القرآنية، دون الرجوع إلى فهم الصحابة والتابعين، فينتج عن ذلك مفاهيم مشوشة، تبتعد عن روح النص وتاريخه، ويغيب عنها الاتساق مع مقاصد الشريعة.
قال الإمام مالك:
> “لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.”
—
📏 مرجعية الأمة لا تُلغى
في مواجهة هذه الدعاوى، تقف الأمة بسندها العلمي والتاريخي الموثق. كل أئمة المذاهب أكدوا على مركزية السنة النبوية، ورفضوا الخروج على جماعة المسلمين:
الإمام أحمد: “من رد الحديث، فهو على شفا هلكة.”
الإمام الشافعي: “إذا صح الحديث فهو مذهبي.”
فهل يُعقل أن يُقدّم فهم رجل واحد على إجماع الأمة بأكملها؟
—
🧠 خداع العقول بشعارات براقة
غالبًا ما يبدأ مدّعو المهدوية بخطاب ديني ظاهره التسامح والعودة إلى القرآن، ثم يتحول تدريجيًا إلى خطاب إقصائي يطعن في العلماء ويصنع طائفة معزولة.
وقد حذر النبي ﷺ من هذه الفتن:
> “سيكون في أمتي كذابون دجالون.”
📚 رواه مسلم
وقال الشاطبي:
> “البدعة تبدأ شبيهة بالسنة، ثم تنتهي إلى هدمها.”
📚 الاعتصام
—
🧭 خاتمة: بين البصيرة والاندفاع
إن فحص دعوى ناصر اليماني بعين الشرع والعقل يكشف أنها بنية على تأويلات فردية وشبهات متكررة، وليست على هدي الكتاب والسنة ولا على فهم سلف الأمة. وإن أخطر ما فيها ليس مجرد المخالفة، بل إحداث فتنة داخل العقول الباحثة عن الحقيقة.
> {فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ}
📖 [الحجرات: 6]
🔒 اللهم لا تجعلنا من المفتونين، واجعلنا من المهتدين بهدي نبيك الكريم ﷺ.
بين العقل والدين: هل ناصر اليماني مشروع هداية أم خداع جديد؟