
بين المحاسبة والإنصاف: هل يستحق وزير التربية كل هذا التعنيف؟ بقلم: [محمود سعيد برغش]
في خضم موجة الغضب الشعبي عقب حادثة مدير الإدارة التعليمية في الباجور، والتي انتهت – للأسف – بوفاة الرجل، توجّهت سهام النقد والاتهام بشكل مباشر نحو وزير التربية والتعليم، وتحول المشهد إلى ما يشبه محاكمة شعبية لا تخلو من الانفعال.
لا خلاف أن هناك خطأ قد وقع، وأن على الوزير مسؤولية سياسية وأخلاقية في ما حدث، وهذا ما دفع كثيرين – وأنا منهم – إلى المطالبة بمحاسبته. فالمحاسبة مبدأ لا يجب أن يُستثنى منه أحد، خصوصًا حين تكون الأرواح على المحك.
لكن، في وسط هذا الغضب المشروع، يجب أن نقف لحظة ونتأمل المشهد بإنصاف. فالوزير، رغم ما حدث، لا يمكن إنكار أنه قد حاول إحداث نقلة نوعية في العملية التعليمية. لقد أعاد للمدرسة شيئًا من هيبتها، وفرض تقييمات شهرية وأعمال سنة، وسعى لإعادة الطلاب إلى مقاعد الدراسة بعد سنوات من التسيّب.
نحن لا نبرر الخطأ، ولكننا نرفض أيضًا أن تتحول المحاسبة إلى انتقام، أو أن يصبح الوزير كبش فداء لتراكمات سابقة لا يتحملها وحده. العدالة الحقيقية لا تقوم على الانفعال، بل على التروي والنظر إلى الصورة كاملة.
نعم، نطالب بمحاسبته، لكن ليس على حساب إنسانيته أو إنجازاته. لا نعامله بما هو أهله، بل بما نحن أهله… من عدالة، وإنصاف، وموضوعية.