الدكروري يكتب عن تلقين مبادئ العقيدة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من وطئ الثرى، وأول من تُفتح له الفردوس الأعلى فيقول صلى الله عليه وسلم ” أنا سيد ولد آدم وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع وأول مُشفع” فكان صلي الله عليه وسلم فصيح اللسان واضح البيان، موجز العبارة موضح الإشارة، آتاه الله جوامع الكلم، وأعطاه بدائع الحِكم، فيقول أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه ” ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه” ويقول شاعر الإسلام حسان بن ثابت رضي الله عنه في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وأفضل منك لن تري قط عيني، وأحسن منك لم تلد النساء، خُلفت مُبرّأً من كل عيب، كأنك قد خُلقت كما تشاء، أما بعد أيها الناس.
فلقد اهتمت الأسرة في الإسلام بتلقين مبادئ العقيدة للصغار، فعند الولادة يؤذن للصغير في أذنه اليمنى، ويقام في الأذن اليسرى، ويبدأ بالفتح عليه بكلمة التوحيد لا إله إلا الله، ومن الأمثلة على تربية الأولاد على مبدأ التوحيد حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال “يا معاذ” قلت لبيك وسعديك، ثم قال مثله ثلاثا “هل تدري ما حق الله على العباد”؟ قلت” لا قال “حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا” ثم سار ساعة فقال “يا معاذ” قلت لبيك وسعديك، قال “هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم ” وهناك أمثلة كثيرة يتبين من خلالها كيف كان النبى صلى الله عليه وسلم يغرس التوحيد ولوازمه في عقول وقلوب الناشئة، ويربيهم عليه، ويتعاهدهم به.
وكذلك فهناك المسؤولية التعبدية، وهي تنشئة الأبناء على عبادة الله وحده وترك معاصيه فكم راينا من شباب هائع حبله على غاربه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، ولا يعرف للمسجد طريقا يفطر مضان ويعصي الرحمن ويطيع الشيطان، فالواجب عليكم أيها الآباء أن تربوا أبنائكم على الطاعة فهي حصن الأمان فعن عمروبن شعيب عن أبيه عن جدّه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع” رواه أبوداود، كذلك أن يعود الآباء أبنائهم على الصيام منذ الصغر حتى يتعودا على تلك الفريضة التي يضيعها كثير من الشباب وتأملوا في هدي الصحابة مع أبنائهم، فعن الربيع بنت معوذ قالت.
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غدة عاشوراء إلى قرى الأنصار من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائما فليهم، قالت فكنا نصومه بعد ونصوّم صبياننا، ونجعل اللعبة من العهن أى من الصوف المصبوغ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار” رواه البخاري، وإن من الوجبات على الآباء والأمهات غرس الأخلاق الفاضلة في نفوس أبنائهم، وتربية الابن على المراقبة لله تعالى وأن يربي الوالد ابنه على والخوف من الله تعالى، وقيل أن سهل بن عبدالله التستري، قال كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يوما ألا تذكر الله الذي خلقك، فقلت كيف أذكره؟ فقال قل بقلبك عند تقلبك بثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك، الله معي.
الله ناظري، الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته، فقال قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك ثم أعلمته، فقال قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة، فقلته، فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة، قال لي خالي احفظ ما علمتك، ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يوما يا سهل من كان الله معه وناظرا إليه وشاهده، أيعصيه؟ إياك والمعصية، فكنت أخلو بنفسي فبعثوا بي إلى الكتاب، فقلت إني لأخشى أن يتفرق علي همي، ولكن شارطوا المعلم أني أذهب إليه ساعة فأتعلم ثم أرجع، فمضيت إلى الكتاب، فتعلمت القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين أوسبع سنين، وكنت أصوم الدهر وقوتي من خبز الشعير اثنتي عشرة سنة.