توجيهات نبوية في إستعمال الماء
بقلم – محمـــد الدكـــرورى
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقرارا به وتوحيدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله صحبه وسلم تسليما مزيدا وبعد لقد كانت وصايا نبيكم المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته في ذلك واضحة، في حفظ الماء، والمحافظة عليه، وإستعماله طهورا نقيا، نظيفا خاليا من التلوث وأسباب التلوث، وكذلك النهي عن إدخال اليد في الإناء عند الإستيقاظ من النوم، فتأملوا حفظكم الله بعض هذه الوصايا حيث نهى النبي المصطفي عليه الصلاة والسلام من استيقظ من منامه أن يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، وقال ” فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ” فلعله مس سوءته، أو حك شيئا متقرحا من جسده، أو لعل هناك أمورا لم تتبين بعد.
ومن هذه التوجيهات النبوية هو التخصيص في وظائف اليدين، فاليد اليمنى تبعد عن مجالات التلوث والأقذار، وكل أمر يستدعي زيادة في الطهارة والتحرز، فتناول الطعام والشراب والمصافحة مخصوص باليمين، ومن أجل هذا نهى الإسلام أن تمس العورة باليمين، أو مواطن النجاسات والمستقذرات، فتقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ” كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى ” رواه أبو داود، وفي الحديث الصحيح ” إذا بال أحدكم فلا يأخذنّ ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفس في الإناء ” رواه البخاري، وكما كان من هدي النبي صلي الله عليه وسلم هو النهي عن التنفس في الإناء ومن ذلك النهي عن التنفس في الإناء أو النفخ فيه.
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، فإذا أراد أن يعود فلينح الإناء، ثم ليعد إن كان يريد ” رواه ابن ماجة، وكما أن من الآداب النبوية هو الأمر بتغطية الأواني وربط الأسقية حتى لا يصل إليها غبار أو هوام، فيقول عليه الصلاة والسلام ” أطفئوا المصابيح إذا رقدتم، وأغلقوا الأبواب، وأوكوا الأسقية، وخمرّوا الطعام والشراب ولوا بعود تعرض عليه ” رواه البخاري، وكما نهى النبي المصطفي عليه الصلاة والسلام عن الإغتسال في الماء الراكد الساكن الذي لا يجري وقال ” ولكن يتناوله تناولا ” ونهى عن التبول في الماء الدائم، بل لقد نهى عليه الصلاة والسلام عن التبول قرب الماء، فقال صلى الله عليه وسلم ” إتقوا الملاعن الثلاثة، البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل “
وهذه بعض الآداب والتوجيهات، ولكن مع الأسف الشديد ما لوث الأنهار والبحار على سعتها وكبرها إلا ما جلبه أصحاب التقدم في صناعاتهم ومخترعاتهم ومعداتهم وآلاتهم، فيا أيها الإخوة المؤمنون، يقول الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ” فهذا نداء رباني للذين آمنوا، ونذكر به في هذا المقام التوجيه والحث على ترشيد إستعمال الماء، والإنتفاع به على الوجه الذي أمر الله تعالى به وهو أداء لحق الشكر لهذه النعمة، وفي مقابل نداءات ربانية أخرى نهى فيها سبحانه عن الإسراف والتبذير في إستعمال الماء، وهو سلوك يتنافى وواجب الشكر لهذه النعم، حيث قال تعالى ” ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ” ففي هذا النص نهي عن الإسراف والتبذير في سائر الأمور عامة، وفي الماء خاصة.