مقالات

توطين النفس وتهيئتها للصيام 

توطين النفس وتهيئتها للصيام 

توطين النفس وتهيئتها للصيام 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، ثم أما بعد اتقوا الله عباد الله فإنها أيام مضت وشهور انقضت ودار العام دورته، فأقبلت الأيام المباركة تبشر بقدوم شهر القرآن، وبين يدي هذا القدوم هو شهر شعبان، الذي نعيش في أيامه ولياليه مذكرا لنا ولجميع المسلمين بما يحمله لهم من خير، والمسلم يعلم أن شهر شعبان ما هو إلا واحد من شهور السنة، ولكن المسلم يشعر أن لشهر شعبان مذاقا خاصا، فيفرح بقدومه، ويستبشر به خيرا. 

 

وإنه ينبغي علينا الإكثار من الصوم في شعبان، فقد كان النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في شهر شعبان، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ” كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان ” رواه أبو داود، وعن السيدة أم سلمة رضي الله عنها قالت ” ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان ” رواه الترمذي، وفي صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إستكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان ” وفي رواية ” يصوم شعبان كله ” 

 

وفي رواية ” كان يصوم شعبان إلا قليلا ” وقال العلماء في إختلاف الروايات يحتمل أن يكون حصل كل ذلك في أعوام مختلفة، وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم علة إكثاره من الصيام، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحب أن يرفع عملي وأنا صائم ” رواه أحمد، وقال أهل العلم وصوم شعبان مثل السنن الرواتب بالنسبة للصلوات المكتوبة، ويكون كأنه تقدمة لشهر رمضان، أي كأنه راتبة لشهر رمضان ولذلك سنّ الصيام في شهر شعبان، وسنّ الصيام ستة أيام من شوال، كالراتبة قبل المكتوبة وبعدها.

 

وفي الصيام في شهر شعبان فائدة أخرى وهي توطين النفس وتهيئتها للصيام لتكون مستعدة لصيام شهر رمضان، فيسهل عليها أداؤه، كما قال ابن رجب رحمه الله “صوم شعبان كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرّن على الصيام وإعتاده، ووجد حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط” وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى “وفي صومه صلى الله عليه وسلم أكثر من غيره ثلاثة معاني أحدها هو أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فربما شغل عن الصيام أشهرا، فجمع ذلك في شعبان ليدركه قبل الصيام الفرض، والثاني أنه فعل ذلك تعظيما لرمضان، وهذا الصوم يشبه سنة فرض الصلاة قبلها تعظيما لحقها، والثالث وهو أنه شهر ترفع فيه الأعمال فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفع عمله وهو صائم”

توطين النفس وتهيئتها للصيام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى