مقالات دينية

جمع في عصمته تسع نسوة

جريدة موطني

جمع في عصمته تسع نسوة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد الله رب العالمين الذي أسكن عباده هذه الدار وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار وجعل الدار الآخرة هي دار القرار، فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار وسبق رحمته بعباده غضبه وهو الرحيم الغفار، أحمده على نعمه الغزار وأشكره وفضله على من شكر مدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار، الرسول المبعوث بالتبشير والإنذار صلى الله عليه وسلم صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار، أما بعد لقد جاء في شأن رسول الله المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم وأزواجه، قول الله تعالى كما جاء في سورة الأحزاب ” يا أيها النبي غنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك ”

 

وأما عن كثرة نسائه صلى الله عليه وسلم، فقال قتادة إن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف علي نسائه في الله الواحده وله يومئذ تسع نسوة ” والحكمة في كثرة أزواجه صلي الله عليه وسلم هو أن الأحكام التي ليست ظاهرة يطلعن عليها فينقلنها، وقد جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها من ذلك الكثير الطيب، ومن ثم فضلها بعضهم على الباقيات” ولقد إختلف العلماء في عدة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وفي ترتيبهن وعدة من مات منهن قبله ومن مات عنهن، ومن دخل بها، ومن لم يدخل بها، ومن خطبها ولم ينكحها، ومن عرضت نفسها عليه إلا أن المتفق عليه أنهن إحدى عشرة امرأة وهن السيدة خديجة وسودة وعائشة وحفصة، وزينب بنت خزيمة وأم سلمة وزينب بنت جحش وأم حبيبة، وجويرية وميمونة وصفية.

جمع في عصمته تسع نسوة

جمع في عصمته تسع نسوة

وقد مات منهن في حياته صلي الله عليه وسلم السيدة خديجة، وزينب بنت خزيمة، ومات عن الباقيات وهن تسع، وهذا لا خلاف فيه” وإن مما ‌خص الله عز وجل رسوله المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم دون المؤمنين وهو أن جمع في عصمته تسع نسوة، وكان لذلك لحكم وأهداف دينية، ومصالح دعوية كبرى منها نشر الدعوة كزواجه من أم المؤمنين خديجة، ومنها تأليف قلوب أصحابه وتشرفيهم بنسبه صلى الله عليه وسلم، كزواجه من راوية الأحاديث أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة بنت أبي بكر الصديق، وزواجه من الصوامة القوامة السيدة حفصة بنت الفاروق عمر بن الخطاب، ومنها لتوثيق الصلات بينه وبين مختلف القبائل بالمصاهرات، كزواجه من أم المؤمنين السيدة جويرية بنت سيد بني المصطلق، وأم المؤمنين صفية ‌سيدة ‌قريظة ‌والنضير.

 

أو كفالة الأرامل المؤمنات السابقات المهاجرات، كزواجه من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن السيدة سودة ‌بنت ‌زمعة، وأم سلمة، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، أو بسبب موت أزواجهن كزواجه من أم المساكين السيدة زينب بنت خزيمة، وميمونة ‌بنت ‌الحارث، أو لإبطال التبني وأحكامه الضارة كزواجه من أم المؤمنين زينب بنت جحش، ‌وغير ‌ذلك ‌الكثير من أسباب ‌تعدد ‌أزواج ‌النبي صلى الله عليه وسلم، وإن من حسن الأدب مع أمهات المؤمنين هو الإقتداء بهن في كل شيء، فمثلا لقد ضربت أمهات المؤمنين أروع الأمثلة في طاعة الزوجة لزوجها مهما كلفتها الطاعة من مشاق، فهذه السيدة خديجة رضي الله عنها تتقدم على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في نصرة الزوج وتصديق النبي من أول لحظة بعث فيها إلى الناس بشيرا ونذيرا وتقف بجانبه في أصعب اللحظات.

 

كما قالت ” كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا والله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق ” وكذلك في العلم الشرعي والتفقه في الدين، وفي حسن العشرة والصبر على خشونة العيش نجد أنهن جميعا يضربن أروع الأمثلة في ذلك، فهذه رملة بنت أبي سفيان أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها فقد كانت تحفظ من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يزيد على الألفي حديث، وكانت تفتي من يسألها من رجال ونساء في أدق المسائل ما يصعب على غيرها وماذاك إلا لقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال هشام بن عروة عن أبيه ” ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة ” فعلى كل طالب للعلم أن يجعل من سيرة أم المؤمنين نبراسا له وسراجا مضيئا له، فإنها نعم الأم ونعم المثل ونعم القدوة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى