حافظوا على الصلوات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، الذي كان صلوات ربي وسلامه عليه كثير التعبد لله، قام بالطاعة والعبادة خير قيام، قدماه تتشقق من طول القيام، خاشع لله يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، ولسانه لا يفتر عن ذكر الله، حيث قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “كان يذكر الله على كل أحيانه” رواه مسلم، وقال ابن عمر رضي الله عنهما “إن كنّا لنعدّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب عليّ، إنك أنت التواب الرحيم”
وكما كان رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه يقينه بالله عظيم، يحب ما يحبه ربه، فكان يحب الصلاة ويوصي بها، حيث قال أنس بن مالك رضي الله عنه كانت عامة وصية النبي صلى الله عليه وسلم حين موته “الصلاة، وما ملكت أيمانكم” قال حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها لسانه أي يوصي بها حتى فاضت روحه” رواه أحمد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معظما للرسل من قبله قال له رجل يا خير البرية، فقال “ذاك إبراهيم” رواه مسلم، وكما نهى صلى الله عليه وسلم عن إطرائه وتعظيمه، فقال صلى الله عليه وسلم “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله” رواه البخاري.
فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إن الصلاة هي لقاء ومقابلة مع الله عز وجل، كما صح في الحديث أن الله عز وجل ينصب وجهه قِبل وجه المصلي، ويستمع لمناجاته يجيبه إذا سأله، فتأملوا سورة الفاتحة التي تقرؤونها في كل ركعة ماذا تشتمل عليه من الثناء على الله ودعائه، وإن أركان الصلاة هى أربعةَ عشر، فالركن الأول هو القيام في صلاة الفريضة، فلا تصح صلاة الفريضة من جالس، وهو يقدر على القيام بالإجماع، لقوله تعالى فى سورة البقرة ” حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين” وقال النبى صلى الله عليه وسلم “صلّ قائما، فإن لم تستطع فقاعدا” فدلت الآية والحديث على وجوب القيام في الصلاة المفروضة مع القدرة عليه.
وهو الانتصاب قائما، فلو خفض رأسه حتى صار كهيئة الراكع لم تصح صلاته، أما إذا خفض رأسه على هيئة الإطراق لم تبطل، لكنه لا ينبغي، وقد رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجل قد طأطأ رأسه في الصلاة، فقال “يا هذا ارفع رأسك، فإن الخشوع في القلوب، وليس الخشوع في الرقاب” وإن الركن الثانى، وهى تكبيرة الإحرام، بأن يقول وهو قائم منتصب مستقبل القبلة الله أكبر، ومعناه الله أكبر وأعظم من كل كبير وعظيم، ومنزّه عن كل نقص وعيب، وحكمة افتتاح الصلاة بالتكبير، ليستحضر عظمة الله، وهو قائم بين يديه، فيخشع له، ويستحيي منه، فلا يشتغل قلبه بغيره، وسمّيت تكبيرة الإحرام، لأنها تحرّم ما كان مباحا قبلها من الكلام، والأكل، وغير ذلك.
فالمصلى إذا كبّر ودخل في الصلاة، كان ممنوعا من الأقوال والأفعال المخالفة للصلاة، ويرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، لقول ابن عمر رضى الله عنهما “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه، حتى يكونا حذو منكبيه، ثم يكبر” متفق عليه.