المقالات

المسقط الثالث و المنظور

جريدة موطنى

المسقط الثالث والمنظور

بقلم 

م . محمود عبد الفضيل

أثناء دراستي للهندسة كان فيه مادة اسمها الرسم الهندسي فكرتها أن أي شكل بيتوصف من ٣ جوانب معطيات الرسم جهتان تسمي مساقط وعليك استنتاج الجانب الأخير المسمى بالمسقط الثالث ومن ثم استنتاج الشكل ككل ويسمي المنظور.

وكنت أعتقد أن تلك المادة تخص الهندسة فقط إلا أنني وجدتها تصلح للأستخدام في التعاملات الأجتماعية والإنسانية لأنها تجعلك تستخلص من معطيات بسيطة

نتائج كثيرة ترسم لك البعد الثالث للأحداث وتجسد لك الواقع من خلال منظور حقيقي يجعلك تستشرف المستقبل دون بلورة سحرية أو طقوس تعتمد على الدجل والشعوذة بل علي العقل و المنطق والتحليل . بعد الدراسة التحقت بأحد الشركات وتم توزيعي على موقع في منطقه على أطراف المدينة المترامية الأطراف وقفت على أول الطريق انتظر أي وسيلة نقل حتى وجدت سيارة نصف نقل بها ركاب يجلسون على مقاعد متهالكة في صندوق السيارة وقد تصبب العرق مني وأنا ألقى بالشنطة داخل الصندوق والتحم بجوار أحد الركاب تحت حرارة شمس الصيف الحارقة

تجاذب معي الشاب وهو من أهل المنطقة التي يسودها الفقر ونقص الخدمات أطراف الحديث وعلم أنني من محافظة أخرى حضرت إلى هنا للبحث عن لقمة عيش

وعند وصولي إلى المكان المحدد طلب من السائق إيقاف السيارة حتى أتمكن من النزول وناولني شنطتي الثقيلة ووصف لي مكان الموقع بكل دقة وطلب من السائق عدم أخذ أجره الركوب مني وأنه سيتحمل الأجرة لأنني ضيف علي محافظته

رغم إلحاحي في الدفع خاصة أن مظاهر الفقر. والبؤس تظهر علي ملامحه إلا أن السيارة تحركت وهو يودعني بالتلويح بيده وابتسامته لم تغب عن وجهه والسيارة تختفي رويدا رويدا حتى لم يعد لها أثر.

مرت عشر سنوات وتم ترشيحي مع مجموعة من الزملاء للسفر للخارج للعمل بمشروع كبير في أحد الدول العربية

كان في انتظارنا طقم من الهنود والبنغال و الفلبينبن لمعاونتنا في العمل وكان من أمهر المساعدين فتي هندي يدعي اورفن ومعنى الكلمة بالعربية اليتيم ومن خلال التعاملات اليومية معه علمت أنه ملحد لا يؤمن بالأديان ولكن ما يميز هذا الشاب أنه أبيض اللون ووسيم جدا ومهتم بمظهره وعلي درجة عالية من الثقافة والأخلاق ومميز جدا في مهارات الحاسب الآلي والبرمجة وكنت دائما أطلق عليه شخوران وكان دائما يصحح لي اللقب بأنه شاروخان وليس شخوران وسط قهقهات الزملاء في المكاتب

حتى آتي اليوم الذي احتجت إلى فلاشة كبيرة لنقل بعض التقارير والرسومات لإرسالها إلى العميل والمركز الرئيسي وكان الموضوع علي درجه من الأهمية ولا بد من إرسال تلك التقارير والرسومات على وجه السرعة. طفت على جميع الزملاء فردا فردا لأستعير فلاشة وكانت المفاجأة أن رفض الجميع إعارتي الفلاشة فالجميع يتحجج بحج مختلفة منهم من يقول إنها ممتلئه ولا يوجد بها مساحة تخزين كافيه .

وآخر يدعي أن عليها أسرار عمله وثالث بضع عليها صور زوجته وعائلته و…. الجميع يخشي علي الفلاشة الخاصه به من الفيرس الذي من الممكن أن يدمر الفلاشة

سالت على صديقي اورفن

أخبرني الساعي أنه يستريح في حجرته قليلا، أسرعت إلى حجرته وشرحت له الموقف ابتسم ومد يده إلى الفلاشة وطلب مني الانتظار لمده ٥ دقائق حتى يفرغ محتوياتها في اللاب توب الخاص به ويعمل لها إسكان وأعطاني أياها بكل سلاسة ويسر

مع ابتسامه رقيقة وطلب مني ألا أتعجل في أعادتها إليه

التقطت الفلاشة ووضعت عليها التقارير وارسلت المعلومات إلى العميل

ودخلت على زملائي المكتب وأنا أصيح فبهم تم ارسال التقارير خلاص ياولاد دين النبي

تمت

المسقط الثالث و المنظور

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار