اخبار

حريق سنترال رمسيس: دراسة موسعة حول الأسباب، الأبعاد، وسيناريوهات الوقاية

حريق سنترال رمسيس: دراسة موسعة حول الأسباب، الأبعاد، وسيناريوهات الوقاية

بقلم الجيوفيزيقي محمد عربي نصار 

 

في مساء يوم الاثنين 7 يوليو 2025، اندلع حريق كارثي في الطابق السابع من مبنى سنترال رمسيس، أحد أهم مراكز الاتصالات السيادية في مصر، الواقع بمنطقة الأزبكية، وسط القاهرة. استمر الحريق لأكثر من 13 ساعة متواصلة، وأدى إلى انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت عن ملايين المستخدمين، ووقوع خسائر بشرية ومادية جسيمة، إلى جانب ارتباك في بعض قطاعات الدولة الحيوية.

 

تهدف هذه الدراسة إلى تحليل شامل للحادث من جوانبه الفنية والأمنية والاقتصادية، مع تقديم رؤية استراتيجية متكاملة لتفادي تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلاً.

 

أولًا: الخلفية الفنية لسنترال رمسيس

 

يعد سنترال رمسيس مركزًا سياديًا يضم عددًا من التجهيزات التقنية والمعدات المتقدمة، ويؤدي الوظائف التالية:

 

الربط بين السنترالات الفرعية في نطاق القاهرة ومحافظات الدلتا.

 

احتواؤه على وحدات رئيسية للشبكة الوطنية وشبكات الإنترنت.

 

دعمه لبعض أنظمة الطوارئ وشبكات الربط الحكومية.

 

بالتالي، فإن أي عطل في هذا المبنى لا يُعد محليًا فقط، بل يؤثر على اتصالات استراتيجية واسعة النطاق.

 

ثانيًا: ملابسات الحريق وتفاصيله المؤكدة

 

زمن ومكان الحريق

 

بدأ الحريق مساء 7 يوليو 2025.

مصدر الحريق: الطابق السابع، حيث توجد وحدات UPS وأجهزة الربط الإلكتروني.

استمرت جهود الإطفاء نحو 13 ساعة، وانتهت في فجر 8 يوليو 2025 بعد تدخل مكثف من قوات الحماية المدنية.

 

 الضحايا والخسائر البشرية

 

الوفيات المؤكدة: 4 موظفين تابعين للمصرية للاتصالات، ماتوا اختناقًا داخل المبنى.

أسماؤهم كما وردت رسميًا:

 

وائل مرزوق

 

أحمد رجب

 

محمد طلعت

 

أحمد مصطفى

 

الإصابات: تم نقل 27 مصابًا إلى مستشفيات: الدمرداش، القبطي، الهلال، صيدناوي، والمنيرة.

 

بعض التقارير أشارت إلى أن العدد الكلي للمصابين ربما بلغ نحو 40 شخصًا، معظمهم تأثروا بالاختناق نتيجة تصاعد الدخان الكثيف.

 

الاستجابة الرسمية

 

شاركت أكثر من 14 سيارة إطفاء في احتواء الحريق.

 

تم فصل التيار الكهربائي عن المبنى كاملًا لحماية المنشآت المجاورة.

 

أُرسلت تعزيزات طبية فورية، وتم توفير غرف عناية مركزة في مستشفيات وسط القاهرة.

 

ثالثًا: الأسباب المحتملة للحريق

 

1. تماس كهربائي أو خلل في أنظمة الطاقة

اعتماد السنترال على أنظمة UPS قد يكون السبب الرئيسي.

أحد التقارير أشار إلى أن الحريق بدأ في غرفة الطاقة الاحتياطية.

 

2. الإهمال أو غياب الصيانة الدورية

تركيب أجهزة متعددة من دون رقابة حرارية كافية.

 

3. التهوية غير الكافية داخل طوابق التشغيل

تراكم الحرارة بدون نظام إنذار أو إطفاء أوتوماتيكي أدى إلى اشتعال مفاجئ.

 

4. احتمال وجود شبهة جنائية

لا يزال التحقيق مستمرًا من قِبل النيابة العامة، ولم يتم استبعاد فرضية التخريب أو الإهمال المتعمد.

 

رابعًا: الأبعاد السياسية والأمنية للحريق

 

كشف الحريق عن ثغرة خطيرة في تأمين البنية التحتية الرقمية.

 

انقطاع الاتصالات في عدة محافظات أدى إلى:

 

توقف خدمات الدفع الإلكتروني.

 

تأخر خدمات الإسعاف والطوارئ.

 

تعطل شبكات داخل الوزارات والشركات الحكومية.

 

وجهت تساؤلات للرأي العام حول أسباب:

 

عدم وجود خطة بديلة أو “سنترال ظل”.

 

غياب أنظمة استجابة إلكترونية تلقائية.

 

خامسًا: الأثر الاقتصادي للحريق

 

 الخسائر المباشرة

 

تعطل خدمات ملايين المستخدمين.

 

توقف خدمات مكاتب البريد، والتوثيق، والبنوك.

 

خسائر في أنظمة الدفع الإلكتروني والتجارة الرقمية.

 

 الخسائر غير المباشرة

 

تراجع الثقة في استقرار خدمات الإنترنت.

 

تأخر الأعمال في الشركات الكبرى والمؤسسات المالية.

 

تكاليف ضخمة لإعادة صيانة البنية التحتية المتضررة.

 

سادسًا: السيناريوهات التفسيرية

 

السيناريو الأول: خلل فني عارض

 

وهو السيناريو المعلن مبدئيًا من الجهات الرسمية.

 

يُبرز ضعف صيانة المباني السيادية.

 

السيناريو الثاني: عمل تخريبي موجه

 

في حال ثبتت الشبهة، سيكون الحادث جزءًا من هجوم على البنية المعلوماتية للدولة.

 

 السيناريو الثالث: تغطية لهجوم سيبراني متزامن

 

الحريق قد يكون تغطية لإخفاء عملية اختراق إلكتروني أو سرقة بيانات.

 

سابعًا: الحلول الوقائية المقترحة

 

1. نقل مراكز الاتصالات الرئيسية إلى مواقع متعددة (لامركزية رقمية)

 

2. تركيب أنظمة إطفاء أوتوماتيكية (FM200, Novec 1230) في الطوابق الفنية

 

3. تفعيل خطة طوارئ للتشغيل من مراكز احتياطية

 

4. تطوير منظومة الإنذار المبكر

 

5. إعادة تقييم وضع المباني الحيوية تحت تصنيف الأمن القومي

 

6. إجراء صيانة دورية شاملة وفحص التمديدات الكهربائية

 

7. مراجعة بروتوكولات الأمن السيبراني وإجراءات الدخول للمباني

حريق سنترال رمسيس: دراسة موسعة حول الأسباب، الأبعاد، وسيناريوهات الوقاية

الخاتمة

 

أعاد حريق سنترال رمسيس التأكيد على أن الأمن الرقمي والمعلوماتي لم يعد مسألة فنية فقط، بل أصبح أمنًا وطنيًا بامتياز. وعلى الدولة أن تتحرك بسرعة لإعادة تصميم بنيتها التحتية الرقمية بما يواكب تحديات القرن الحادي والعشرين، من خلال الحماية المتعددة، والتوزيع الذكي، والرقابة الاستباقية.

 

إن أرواح الشهداء الذين سقطوا في هذا الحريق يجب أن تكون حافزًا لبناء نظام أكثر أمانًا ومرونة، يضمن استمرارية الاتصالات، ويحمي سيادة الدولة.

حريق سنترال رمسيس: دراسة موسعة حول الأسباب، الأبعاد، وسيناريوهات الوقاية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى