الرئيسيةUncategorizedحين اختلط الضوء بالظل حكاية هذا اليوم العجيب
Uncategorized

حين اختلط الضوء بالظل حكاية هذا اليوم العجيب

حين اختلط الضوء بالظل حكاية هذا اليوم العجيب

 

نشأت البسيوني 

 

اليوم ليس ككل الأيام لا لأن الشمس أشرقت من جهة أخرى ولا لأن الليل نسي أن يعود بل لأن شيئا في ملامح العالم تغير

كأن الأرض تنفست على مهل بعد طول احتباس وكأن الزمن قد وقف أمام مرآته حائرا لا يدري أهو ماض أم حاضر يرتدي عباءة الغد

اليوم كل شيء في الصمت ينطق وكل ما كان مألوفا فقد ملامحه القديمة

الوجوه تمشي بيننا لكنها غريبة يكسوها تعب لم نعرفه من قبل والعينان تبحثان عن شيء لا يرى عن طمأنينة ضاعت في زحام الضجيج

السماء ملبدة بغيوم من تساؤلات البشر والأرض تئن تحت ثقل الخطى كأنها لم تعد تطيق حمل كل هذا التناقض بين الوجع والأمل

إن في هذا اليوم طعما يشبه المرارة المغلفة بالعسل لحظات من ضوء جميل تتسلل وسط فوضى الأحداث كأن القدر أراد أن يذكرنا بأن بعد كل غيمة رمادية تشرق شمس لا تنكسر

غير أن البشر يا صديقي أصبحوا أسرى شاشاتهم يقتاتون الأخبار كما يقتات الخبز ولا يعلمون أن أكثر ما يتعب الروح هو متابعة ما لا يصلح شيئا وما لا يسكت في الداخل ذلك الضجيج المتراكم من الخوف والحيرة

اليوم العالم يمشي بخطى مترددة كطفل تائه في سوق مزدحم

السياسة تصرخ الاقتصاد يتعثر والقلوب في شتاء لا دفء فيه

كأن الأرض كلها صارت غرفة واحدة تضج بالجدل والاتهامات ولا أحد يسمع أحدا

كأن الصدق أصبح منفى والكلمة الحرة جريمة والعاطفة تخنق بين ضلوع خشبية لا تشعر بشيء

ومع ذلك ثمة ما يستحق أن نتمسك به

في زاوية من هذا اليوم المزدحم هناك أم تصلي لأجل ابنها وهناك عامل يبتسم رغم التعب وهناك عاشق يكتب رسالة لا يعرف إن كانت ستصل لكنه يكتبها لأن الكتابة وحدها تمنحه حياة

في كل هذا الركام لا يزال الإنسان يحاول أن يكون إنسانا لا يزال يزرع وردة في قلب متعب ويرمم ما تهدم من أحلامه بكلمة أو ابتسامة

أجل ما يحدث اليوم ليس عابرا إنه امتحان طويل للوعي وللصبر وللإيمان بأن الغد لا يولد إلا من رحم هذا الاضطراب العظيم

ربما يبدو العالم في أسوأ حالاته لكن خلف كل وجع يولد وعي وخلف كل انهيار ينهض بناء جديد من رماد التجارب

فالليل مهما طال يبقى خادما للصباح والفوضى مهما عمت لا بد أن تنجب نظاما أكثر نقاء

يا صديقي حين تتأمل ما يحدث اليوم لا تلعن الظلمة بل تأمل كيف يتعلم الضوء أن يشتعل في غيابها

فكل ما نراه من تعب واضطراب ما هو إلا وجه آخر لحياة تريد أن تعيد ترتيب نفسها

ربما كتب علينا أن نعبر هذا العبور القاسي لنفهم معنى البقاء ومعنى أن نحيا رغم كل ما يريد أن يطفئنا

فليكن هذا اليوم درسا لا في السياسة ولا في الاقتصاد بل في الإنسان نفسه

لعله يدرك أخيرا أن القوة ليست في الضجيج بل في الصمت الذي يختزن الإيمان وأن أجمل ما في الفوضى أنها تعيد تعريف النظام من جديد

حين اختلط الضوء بالظل حكاية هذا اليوم العجيب

نشأت البسيوني

اليوم ليس ككل الأيام لا لأن الشمس أشرقت من جهة أخرى ولا لأن الليل نسي أن يعود بل لأن شيئا في ملامح العالم تغير
كأن الأرض تنفست على مهل بعد طول احتباس وكأن الزمن قد وقف أمام مرآته حائرا لا يدري أهو ماض أم حاضر يرتدي عباءة الغد
اليوم كل شيء في الصمت ينطق وكل ما كان مألوفا فقد ملامحه القديمة
الوجوه تمشي بيننا لكنها غريبة يكسوها تعب لم نعرفه من قبل والعينان تبحثان عن شيء لا يرى عن طمأنينة ضاعت في زحام الضجيج
السماء ملبدة بغيوم من تساؤلات البشر والأرض تئن تحت ثقل الخطى كأنها لم تعد تطيق حمل كل هذا التناقض بين الوجع والأمل
إن في هذا اليوم طعما يشبه المرارة المغلفة بالعسل لحظات من ضوء جميل تتسلل وسط فوضى الأحداث كأن القدر أراد أن يذكرنا بأن بعد كل غيمة رمادية تشرق شمس لا تنكسر
غير أن البشر يا صديقي أصبحوا أسرى شاشاتهم يقتاتون الأخبار كما يقتات الخبز ولا يعلمون أن أكثر ما يتعب الروح هو متابعة ما لا يصلح شيئا وما لا يسكت في الداخل ذلك الضجيج المتراكم من الخوف والحيرة
اليوم العالم يمشي بخطى مترددة كطفل تائه في سوق مزدحم
السياسة تصرخ الاقتصاد يتعثر والقلوب في شتاء لا دفء فيه
كأن الأرض كلها صارت غرفة واحدة تضج بالجدل والاتهامات ولا أحد يسمع أحدا
كأن الصدق أصبح منفى والكلمة الحرة جريمة والعاطفة تخنق بين ضلوع خشبية لا تشعر بشيء
ومع ذلك ثمة ما يستحق أن نتمسك به
في زاوية من هذا اليوم المزدحم هناك أم تصلي لأجل ابنها وهناك عامل يبتسم رغم التعب وهناك عاشق يكتب رسالة لا يعرف إن كانت ستصل لكنه يكتبها لأن الكتابة وحدها تمنحه حياة
في كل هذا الركام لا يزال الإنسان يحاول أن يكون إنسانا لا يزال يزرع وردة في قلب متعب ويرمم ما تهدم من أحلامه بكلمة أو ابتسامة
أجل ما يحدث اليوم ليس عابرا إنه امتحان طويل للوعي وللصبر وللإيمان بأن الغد لا يولد إلا من رحم هذا الاضطراب العظيم
ربما يبدو العالم في أسوأ حالاته لكن خلف كل وجع يولد وعي وخلف كل انهيار ينهض بناء جديد من رماد التجارب
فالليل مهما طال يبقى خادما للصباح والفوضى مهما عمت لا بد أن تنجب نظاما أكثر نقاء
يا صديقي حين تتأمل ما يحدث اليوم لا تلعن الظلمة بل تأمل كيف يتعلم الضوء أن يشتعل في غيابها
فكل ما نراه من تعب واضطراب ما هو إلا وجه آخر لحياة تريد أن تعيد ترتيب نفسها
ربما كتب علينا أن نعبر هذا العبور القاسي لنفهم معنى البقاء ومعنى أن نحيا رغم كل ما يريد أن يطفئنا
فليكن هذا اليوم درسا لا في السياسة ولا في الاقتصاد بل في الإنسان نفسه
لعله يدرك أخيرا أن القوة ليست في الضجيج بل في الصمت الذي يختزن الإيمان وأن أجمل ما في الفوضى أنها تعيد تعريف النظام من جديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *