ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 2 أكتوبر 2024
الحمد لله العلي الأعلى، أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ووفق العباد للهدى، فمنهم من ضلّ ومنهم من اهتدى، نحمده على نعمه وآلائه، ونشكره على فضله وإحسانه، فالخير منه والشر ليس إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما أحد أصبر علي أذي سمعه منه، يدّعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم، آمنا به، وعليه توكلنا، وإليه أنبنا وإليه المصير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أوذي فصبر، وظفر فشكر، أقام الحجة، وأوضح المحجة، وأرسى دعائم الملة، فمن تبع سنته رشد، ومن حاد عنها زاغ وهلك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يشنؤهم إلا منافق، أئمة هدى وفضل، ودعاة خير ورشد، ترضى عنهم ربهم سبحانه في قرآن يتلى إلى آخر الزمان، على رغم أنوف أهل البدعة والنفاق، وارض اللهم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد.
إن تعلم العلم وتعليمه من ذكر الله تعالي، فقال الله عز وجل في سوة الجمعة ” يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون” وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قوله إلى ذكر الله يفيد أن الخطبة من ذكر الله تعالى ونستفيد من هذا فائدة مهمة وهي أن العلم تعليمه وتعلمه من ذكر الله تعالى لأن الخطبة ما هي إلا تعليم للعلم وتعلم له، ومن طلب العلم لنصرة هذا الدين فسيجد انشراحا في صدره، فقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله لو شعرنا أننا نطلب العلم ونحن مجاهدون في سبيل الله لصارت صدورنا أشد انشراحا، وطالب العلم يجب أن يقصد بطلب العلم نصرة هذا الدين وحماية هذا الدين من أعدائه وبهذا ينشرح صدره، وإنه يجب عليك أيها المعلم أن تحسّن علاقتك بالمعلمين.
أو الأساتذة وبالعمال والإداريين وأن تتحمل أذاهم ما إستطعت إلى ذلك سبيلا وأن تكون مع الجميع كالنخلة يرميها الناس بالحجر وهي ترميهم بالثمر، واذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم” وإذا صح هذا مع كل الناس عموما فإنه يصح أكثر وأكثر مع قوم تربطنا بهم أكثر من رابطة الدين ثم الزمالة في العمل والاشتراك في مهمة هي أعظم المهمات على الإطلاق وهي التربية والتعليم، وكما أن عليك أيها المعلم أن تذكّر الغير بإستمرار بأنكم جميعا مربون قبل أن تكونوا معلمين ولا معنى للتعليم بدون تربية والذين يقولون بأن وظيفة المعلم تعليم فقط هم إما جهلة أو مخادعون أو حاقدون، وإن مما يخفف على الأستاذ من وقع الأذى الذي يلاقيه في طريق التعليم.
هو أن يتذكر أنه يسير على طريق الأنبياء والمرسلين الذين كانوا جميعا معلمين ” إنما بعثت معلما” كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما على الأستاذ أن يتقرب من تلاميذه خارج الحصص الرسمية حتى لا يضيّع الوقت ليتعرف على آمالهم وآلامهم، وعليه أن يقدم لهم بعد ذلك أو أثناء ذلك النصح والتوجيه المناسبين، لأن ذلك أدنى أن يقوي الصلة بينه وبين تلاميذه وأن يزيد من المحبة بينه وبينهم، والمطلوب هو تشجيع التلاميذ على المشاركة في الدرس سؤالا وإجابة وملاحظة ونقاشا وحوارا، فإن ذلك من شأنه أن يخفف من العبيء على الأستاذ وأن يزيد من إنتفاع التلميذ، وأن يحبّب المادة والأستاذ للتلاميذ، وإن من أسوا ما يمكن أن يتصف به الأستاذ في تعامله مع تلاميذه هوالتمييز بينهم، لا بناء على سلوك أو إجتهاد في الدراسة.
وهو التمييز المقبول أو المطلوب، الذي يعتبر من الظلم الذي حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن مظاهر هذا الظلم هو التمييز بين الغني والفقير، والتمييز بين القوي والضعيف، والتمييز بين بن المسؤول وبن المغمور، والتمييز بين بن المنطقة والآتي من خارجها، والتمييز بين الذكر والأنثى.
ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون