ذلك خيرا وأحسن تأويلا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين، ثم أما بعد قال العلامة ابن القيم رحمه الله من الأمور المهمة في حياة الإنسان النافعه أن يجلس الإنسان عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد له توبة نصوحا بينه وبين الله تعالي فينام على تلك التوبة ويعزم على أن لا يعاود الذنب إذا استيقظ.
ويفعل هذا كل ليلة، فإن مات من ليلته مات على توبة، وإن إستيقظ إستيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخير أجله حتى يستقيل ربه ويستدرك ما فاته، وليس للعبد أنفع من هذه التوبة ولا سيما إذا عقب ذلك بذكر الله وإستعمال السنن التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النوم حتى يغلبه النوم فمن أراد الله به خيرا وفقه لذلك ولا قوة إلا بالله، وروي عن أبي سلمة رضي الله عنه أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها حدثته قالت لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله ” وكما روي عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إستكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان ”
وقال الإمام ابن حجر رحمه الله “وفي الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان” وقال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله “وأما صيام النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر السنة فكان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور” وقال الإمام الصنعاني رحمه الله ” وفيه دليل على أنه يخص شعبان بالصوم أكثر من غيره ” ولكن هل ليلة النصف من شعبان هي الليلة المباركة التي ورد ذكرها في سورة الدخان؟ والجواب هو إن من الخطأ أن يعتقد الإنسان أن الليلة المذكورة في الآية الكريمة ” إنا أنزلناه في ليلة مباركة ” هي ليلة النصف من شعبان، فلقد دل القرآن الكريم على أن نزول القرآن كان في ليلة القدر، حيث قال تعالى ” إنا أنزلناه في ليلة القدر” وليلة القدر ليست في شعبان، وإنما في رمضان، لقول الرحيم الرحمن ” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ”
ومن السلف كما ذكر ابن تيمية والهيتمي من كان يعظم ليلة النصف من شعبان، ويجتهد فيها، ومنهم من نهى عن ذلك، ومن آداب القرآن الكريم ما جاء في قول الرحمن ” فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرا وأحسن تأويلا ” فرددنا هذه المسألة إلى كتاب الله وسنة رسوله، فوجدنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الأمر المحدث، والمحدث ما لا دليل فيه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ” رواه البخاري ومسلم، فلا يشرع أن يخص المرء ليلة النصف من شعبان بصلاة وقيام، ولا يومها بصيام، ففرق بين فعل العبادة، وبين تخصيصها بزمان أو مكان.
ذلك خيرا وأحسن تأويلا