رسالة الإسلام: عالميتها وشموليتها

رسالة الإسلام: عالميتها وشموليتها
محمود سعيدبرغش
بعث الله سبحانه وتعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخاتمة، التي جاءت بالحنيفية السمحة والشريعة الجامعة. رسالة الإسلام تهدف إلى تحقيق حياة كريمة للإنسان، تجمع بين الرقي الروحي والعدل الاجتماعي، وتضمن السعادة في الدنيا والآخرة.

عالمية رسالة الإسلام

رسالة الإسلام ليست مقيدة بزمن أو مكان أو قوم بعينهم، بل هي رسالة عالمية لجميع البشر. وقد جاء هذا واضحًا في القرآن الكريم والسنة النبوية:

قال الله تعالى:

﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ (الفرقان: 1).

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (سبأ: 28).

﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (الأعراف: 158).

وفي الحديث الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كان النبي يُبعث إلى قومه خاصة، وبُعثتُ إلى كل أحمر وأسود” (رواه مسلم).

شمولية رسالة الإسلام وسماحتها

رسالة الإسلام شاملة لجميع جوانب الحياة، وهي مميزة بسماتها التي تناسب كل زمان ومكان:

1. سهولة الاعتقاد والعمل
الإسلام دين يُسر، لا يُرهق الإنسان بما لا يستطيع تحمله.

قال الله تعالى:

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ (البقرة: 286).

﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: 185).

﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (الحج: 78).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الدين يُسر، ولن يُشاد الدين أحد إلا غلبه” (رواه البخاري).

2. التوازن بين الثوابت والمتغيرات

الثوابت: تشمل العقائد والعبادات التي جاءت مفصلة في النصوص الشرعية.

المتغيرات: تشمل الأمور المرتبطة بالمصالح العامة والاجتهاد، مثل السياسة والاقتصاد، والتي تركت مرونة لتتوافق مع تغير الأزمنة والأمكنة.

3. حفظ الضروريات الخمس
الإسلام جاء لتحقيق وحفظ ضروريات الحياة:

حفظ الدين.

حفظ النفس.

حفظ العقل.

حفظ النسل.

حفظ المال.
قال الله تعالى:

﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ (الأعراف: 32).

﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ (الإسراء: 33).

غاية رسالة الإسلام

تهدف رسالة الإسلام إلى إقامة مجتمع يقوم على أسس الرحمة، العدل، والإخاء.

قال الله تعالى:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107).

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ (النحل: 90).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم” (رواه البخاري ومسلم).

الخاتمة

رسالة الإسلام هي دعوة عالمية شاملة، تسعى إلى تحقيق الرحمة والسعادة للبشرية جمعاء، في الدنيا والآخرة. إنها رسالة تجمع بين الثبات في المبادئ والمرونة في التطبيق، لتظل نبراسًا يهدي البشرية في كل العصور.