قصة

رمال متحركة

جريده موطني

رمال متحركة

بقلم محمود عبد الفضيل رمال متحركة

بعد أن تخرجت ساندي من الجامعة بدأت الأسئلة المحرجة تنهال عليها في كل المناسبات الاجتماعية التي تحضرها مع والداتها والسؤال الأكثر حرجا لماذا لا تتزوجين ومعظم أقرانك من فتيات القرية أصبحن أمهات. كانت تهربا من تلك الأسئلة بالإجابة المقتضبة أنه النصيب ولكن تكرار تلك الأسئلة كان ناقوس خطر لها وتحذير من شبح العنوسةهي تتعامل كاميرة في بيت والدها لأنها جميلة ومتفوقة دراسيا وعلي درجة عالية من الخلق، اهتم والدها بتعليمها حتى حصلت على بكالوريوس هندسة ونظر لانتشار البطالة لم تستطع أن تجد عملا خاصة أنها من قرية ومعظم العمل المتاح رغم ندرته أما في المدن الكبرى أو الأماكن النائيه. كانت تحلم منذ صغرها بفارس الأحلام الوسيم الميسور الحال الذي ينقلها لحياه ألف ليلة وليله ترتحل معه إلى جميع أنحاء العالم، حافظت علي نقاء قلبها طوال فترة الدراسة لتجعل من قلبها مخزنا لحب الزوج المقبل، أرادت أن تكون ذات قلب بكر يعطي الحب للزوج المنتظر رغم محاولات الكثير من الزملاء والأساتذة والأقارب والغرباء استمالتها باسم الحب إلا أنها كانت ترفض أن تعطي قلبها لأب شخصا طالما لم يحدث ارتباط رسمي، بدا بعض المعارف ترشيح أزواج لها ولكن الكل غير مناسبأما الفقير جدا أو الدميم أو الأقل في المستوى التعليمي.مرت الشهور وهي تتلقى دعوات الزفاف من صديقاتها وقريباتها وجيرانها الكل يتزوج رغم أنها الأجمل والأروع هكذا كانت ترى نفسها. ومع ضغط العادات والتقاليد والرعب من أن تلتصق بها صفه العنوسةقررت أن تذهب للعمل في القاهرة لعلها تجد وظيفة مناسبة وزوجا جيدا بدأت في إرسال السيرة الذاتية لها عبر مواقع التواصل رغم رفض والداتها أن تعمل في تلك المدينة الكبيرة التي ليس لهم أي دراية بها ولكن ساندي أقنعت والدتها بأن السفر والعمل في القاهرة هو الحل الأمثل حتى تجد زوجا مناسبا ودخلا جيداخاصة أنه بعد وفاة والدها لم يعد أحدا يهتم بهم ولولا معاش الوالد ما كان لها أن تكمل تعليمها في تلك الكلية باهظة التكاليف استلمت ساندي العمل بالشركة بالمكتب الفني ورتبت إقامتها في أحد الفنادق الخاصة بالنقابة. واندمجت في العمل في محاولة لإثبات ذاتها وتحقيق طموحها في النجاح في العمل. ولم تنس الهدف الأساسي وهو الحصول على زوج مناسب بدأت في تغيير أسلوب ملابسها فأصبحت أكثر تحررا ولكنه وتحتشم وبدأت في صبغ شعرها وإظهار بعض خصلاته الملونة من الطرحة المزقرشه بالوان زاهية. وبدأت في وضع مساحيق الوجهة وكريمات الأساسوتطويل الأظافر واستخدام العطور الهادئة بدا الزملاء والعملاء والمديرين في ملاطفتها لعل أن يحظى أي منهم بعلاقة عاطفية معها ولكن ردها الصارم جعل الجميع يتجنبها ولا يقترب منها بل بدا البعض في مضايقتها في العمل والقسوة عليها والشكاوى منها أدركت أنه لا بد كما غيرت شكلها لا بد من أن تغير من أسلوب تعاملها مع الزملاء واستفادت من ذلك الدرس ولكن تلك الشركة أصبحت مثل الأرض المحروقة. فانتقلت للعمل في شركة أخرى واهتمت بمجاملة الجميع ولكن واجهت مشكلة أكبر وهي أنها أصبحت مطمعا للجميع نظرا لتبسطها في الحديث وكلامها الذي يفسره البعض حسب هواه هربت من تلك الشركة إلى شركة أخرى وتعلمت الدرس وهو أن تنتقي الشخص المناسب وترمي شباكها عليه. ومرت الشهور حتى أتتها الفرصة لمقابلة مدير الشركة الجديدة التي تعمل بها ومن أول لقاء قرر صاحب الشركة أن تكون في مكتبه مع رفع راتبها وأعطاها الكثير من المميزات. أحست أنها نجحت في لفت نظر مرعي بيه. هو صاحب شركة مقاولات كبرى ومن الأثرياء الجدد العاصمين ظل يعمل في الخليج سنوات طويلة حتى صل الخامسة والأربعين من عمره ونسي أن يتزوج. وكلما حاول الارتباط يتم رفضه رغم ثراءه لفارق السن. أمثاله أصبح لهم أبناء في الجامعة بل إن أبناء أصدقائه يتدربون عنده في الشركة فب إجازتهم الصيفية. مرت الشهور وهي تلفت نظرا مرعيا بالكلام والملابس والحركات المثيرةحتى وقع مرعي في غرامها وأعلن رغبته في الارتباط بها. طارت من الفرح رغم اعتراض والداتها لفارق السن ولكن إصرار ساندي علي الزيجة جعل أمها توافقا بمضض.

تم الزواج وهربت ساندي من شبح العنوسة والفقر دفعة واحدة بهذه الزيجة التي خططت لها سنوات وأنجبت في خلال الثلاث سنوات الأولى طفلين. ولكن كانت مشكلة ساندي هي غيرته القاتلة عليها خاصة أنه منعها من العمل وطلب منها تغيير طريقه ملابسها كما أن الوحدة والفراغ العاطفي الكبير الذي سببه انشغال مرعي بالعمل والسفر وعدم تواجده معها بشمل دائم أنبت لديها المزيد من الحرمان العاطفي علاوة على الحرمان الجسدي مما زاد من معاناتها معه ونشبت الكثير من الخلافات بينهما وكان مرعي شديد القسوة معها يعايرها بفقرها وأنها أصبحت تسكن الأماكن الراقية وتستقل أحدث السيارات بفضله وأمواله وبدا في سبها وضربها في كل خلاف خاصة أن والدتها نصحتها بعدم الزواج منهأحست أنها كانت كمن نزل في الربع الخالي وغاص في الرمال المتحركة التي تبتلعه مع كل خطوه يخطونها. حاولت الهرب من العنوسة والفقر وتزوجت الثري

والآن هي تعاني من فقد الحب والتفاهم والجوع العاطفي والجسدي وتطور الأمر إلى الضرب والإهانة من داخلها هي ترغب في عدم الاستمرار معه ولكن وجود طفلي جعلها تتحمل أن تعيش في هذه الجحيم مع رجل لا نحبه وهو لا يحترمها.

كما أن خوفها من تحصل على لقب مطلقة وما تعانيه المطلقة من نظره المجتمع وسخافاته جعلها تصبر وتتحمل مزاجاه مرعي المتقلبة مرت سنوات على هذا الحال وتلك العلاقة المعقدة حتى تخبرها مرعي برغبته في الزواج من إحدى سيدات الأعمال أن الزواج سيكون خلال أيام قليلة ثارت في وجهه لأول مرة منذ زوجها منه ورفضت ذلك الوضع، انهال عليها بالسباب والشتائم وقام يضربها بشراسة أمام أطفالها لم يتراجع أمام دموع أطفاله وهم يرون أمهم تضرب وتهان هرعت إلى المطبخ وأمسكت بالسكين تهدد به مرعي حتى يتوقف عن ضربهاولكن جنون العظمة لديه وقوته البنيانية جعلته يحاول أن يواصل الاعتداء عليهاحاول نزع السكين من يدها و لكنها قاومته و اثناءالمقاومه غرس السكين في صدرها و توفيت علي رمال متحركة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار