
رمضان العطار.. قصة كفاح مشرفة في الدقهلية وسط غلاء الأسعار وزحام المواسم
القاهرة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في وقتٍ يزداد فيه غلاء الأسعار وتتصاعد أعباء الحياة، ومع شهر رمضان وعيد الفطر، تتسابق الأسواق في رفع الأسعار بشكل غير مسبوق، مما يجعل الكثير من العائلات في معاناة حقيقية لتأمين احتياجاتهم الأساسية. وبينما يسعى بعض التجار إلى الاحتكار واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة، يبرز نموذج استثنائي لرجل قرر أن يسبح ضد التيار، مقدمًا مبادرة إنسانية تهدف إلى رسم الفرحة على وجوه الجميع. إنه رمضان العطار، ابن محافظة الدقهلية، الذي جعل من تجارته رسالة إنسانية قبل أن تكون وسيلة للربح.
تحدي الغلاء.. كيف كسر رمضان العطار احتكار التجار؟
في ظل الأزمة الاقتصادية، لجأ العديد من التجار إلى رفع الأسعار وإجبار الزبائن على شراء كميات كبيرة، حيث أصبح من الطبيعي أن تجد في الأسواق بعض الباعة يشترطون حدًا أدنى للشراء بقيمة 50 جنيهًا أو أكثر، مما يشكل عبئًا إضافيًا على الأسر البسيطة التي تسعى إلى توفير احتياجاتها بميزانية محدودة.
لكن رمضان العطار قرر أن يسلك طريقًا مختلفًا، حيث أعلن أنه في محله يمكن لأي شخص أن يشتري أي نوع من البهارات بمبلغ 20 جنيهًا فقط، دون إجبار الزبون على شراء كميات تفوق حاجته. هذه الخطوة التي جاءت في وقت يسيطر فيه الجشع على الأسواق، لم تكن مجرد قرار تجاري، بل كانت رسالة إنسانية واضحة تعكس وعيه بظروف مجتمعه، وسعيه لإسعاد الناس في هذا الشهر الكريم.
“الربح ليس كل شيء”.. الفلسفة الإنسانية لتجارة رمضان العطار
على عكس الكثير من التجار الذين ينظرون إلى المكسب المادي كأولوية، يؤمن رمضان العطار بأن التجارة الحقيقية تقوم على رضا الزبائن وكسب محبتهم. فلسفته تعتمد على تقديم أعلى جودة بأقل سعر، مما جعله يكسب ثقة الزبائن واحترامهم، بل وأصبح اسمه معروفًا في محافظة الدقهلية وخارجها.
يقول رمضان العطار في إحدى تصريحاته:
“أنا مش تاجر عادي.. أنا بعتبر نفسي في خدمة الناس، واللي ربنا بيرزقني بيه هو بركة لأني بساعد غيري، وأنا عارف إن ربنا مش هيضيع تعبي.”
تأثير مبادرة رمضان العطار على المجتمع
قرار رمضان العطار ببيع التوابل والبهارات بأسعار مخفضة لم يكن مجرد خطوة فردية، بل أصبح محفزًا لعدد من التجار الآخرين لإعادة التفكير في سياساتهم، حيث بدأ البعض في مراجعة أسعارهم بعدما لاحظوا مدى الإقبال الشعبي الهائل على متجره.
كما أن هذه المبادرة لاقت تفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشاد الكثيرون بموقفه الإنساني، مطالبين بأن يكون هناك المزيد من التجار الذين يتبنون نفس النهج، حتى لا تتحول الأسواق إلى ساحات للاستغلال ورفع الأسعار دون مبرر.
تحديات في وجه رمضان العطار.. هل ينجح في الاستمرار؟
بالطبع، لم تكن هذه المبادرة سهلة التنفيذ، فالتجار الكبار الذين يحتكرون السوق ويحاولون التحكم في الأسعار لم يكونوا سعداء بوجود نموذج مثل رمضان العطار، الذي كشف حقيقة الجشع الذي يمارسونه.
كما واجه رمضان العطار تحديات اقتصادية، مثل ارتفاع تكلفة الاستيراد وتقلبات أسعار المواد الخام، لكنه رغم ذلك، أصر على المضي قدمًا في مبادرته، مؤكدًا أنه يعتمد على سياسة “البيع الكثير بالربح القليل”، وهو ما يجعله قادرًا على تحقيق التوازن بين مساعدة الناس وضمان استمرارية تجارته.
لماذا لا يصبح رمضان العطار نموذجًا عامًا في الأسواق؟
إن قصة رمضان العطار ليست مجرد حالة فردية، بل يمكن أن تكون درسًا لكل التجار، حيث يمكنهم تحقيق أرباح معقولة دون استغلال حاجات الناس. فإذا تبنى المزيد من التجار هذه الفلسفة، فإن الأسواق ستشهد توازنًا في الأسعار، مما سيؤدي إلى تخفيف الأعباء على المواطنين.
ختامًا.. رمضان العطار بطل في زمن الجشع
في وقتٍ يبحث فيه الجميع عن أكبر المكاسب المالية، أثبت رمضان العطار أن هناك من لا يزال يؤمن بأن التجارة ليست فقط أرقامًا وأرباحًا، بل مسؤولية اجتماعية وإنسانية. مبادرته لم تقتصر على بيع المنتجات بأسعار مخفضة، بل أصبحت رمزًا للأمل والتعاون والتراحم في مجتمع يعاني من الضغوط الاقتصادية.
إن قصة رمضان العطار تستحق أن تُروى كنموذج ملهم، ليس فقط في الدقهلية، ولكن في كل المحافظات المصرية، حتى يتعلم الجميع أن الربح الحقيقي لا يقاس بالأموال فقط، بل بحب الناس وثقتهم.
رمضان العطار.. قصة كفاح مشرفة في الدقهلية وسط غلاء الأسعار وزحام المواسم