Uncategorized

رواية هكــذا … جعلني المجتمع 

 الكاتب \ عايد جبيب جندي الجبلي

الجزء الاول

   يحكى أن إبراهيم الجبلاوى كان في أحد المناصب المرموقة وموضعه حساس ولمكانته الرفيعة بين الناس حيث يقوم بفعل الخير من جميع جوانبه , فكان لا يحبذ فعل الشر ولا يرغبه وفى أحد الأيام حدثت مشاجرة بين اثنين من زملاءه لسبب ما وفضل زميلاه أن يكون إبراهيم الجبلاوى الوسيط بينهما في حل المشكلة فأثناء جلوسهم في مكتب إبراهيم الجبلاوى روى الاثنان سبب الشجار فاستراح إبراهيم الجبلاوي لجمال الاشمونى ورمى اللوم على نشأت الفاوى فشعر بالاهانة مندفعا بأعلى صوته في وجه إبراهيم الجبلاوى والشر يتطاير من عينيه قائلا ما بك ؟ ولماذا تكلمني هكذا ؟ فإنني سأهذب للمدير العام , فذهب إلى المدير وقص عليه ما قد حدث بينه وبين جمال الفاوى فاستدعى المدير العام إبراهيم الجبلاوى ليوبخه على ما حدث وقال لإبراهيم أنت ليس مصلحا اجتماعيا وسأحيلك للتحقيق ـ فخرج إبراهيم متعصبا وفكره يدور حول أحوال الناس الذين يملأهم الغش والمكر والعداء والخداع وذهب إلى منزله فجلس على كرسيه منعزلا يخيم عليه الحزن يضع رأسه بين راحتيه فدخلت عليه زوجته فوجدته حزينا ـ فسألته .. ما بك … ما بك ؟ وهى مندهشة وقص عليها ما حدث من متاعب العالم من حوله فقالت له زوجته افعل كما يفعل الناس من حولك فرد بصوت عال لا .. ثم لا ، و ذهب إبراهيم الجبلاوى فى الصباح إلى عمله ولا يدرى بما يخبئه الزمن المرير علي أيدي الحاقدين ويفاجأ بقرار فصله عن العمل .. فأصبح لا عمل له يتسكع على المقاهي وكلما يجلس مع أحد لا يعجبه حاله وحال الناس من حوله فيلوم جليسه واحدا تلو الأخر وهكذا .. حتى أصبح منبوذا بين الناس ولذلك أصبح ذو هم وشجن ومشاعره تتدفق فامسك بقلمه ليسكب أحزانه على أوراقه ويفضفض عن نفسه فكتب عباراته المعبرة في أبيات بسيطة يقول

أنا في الدنيا مـــــوالى صعيب الهضم يا خالي

وجروحي من البشرية بقيت عزوتي ومالي

ولو هاودت كل الناس ما كان ده بقى حالي

كنت للعدالة أميـــــــن والظلم ما على بالى

كان عندي الشرف ثمين مليان يكب على الخالي

جرحوني نزفت حنين والحزن شتت افكارى

وأصبحت على قهاوى سنين ملاقى أوكل عيالي

فبعد أن انتهى من العبارات المعبرة التي فاض بها قلمه والتي كان يخزنها بداخله بما لاقاه من احتكاكه بالناس من حوله فلاحظته زوجته وأقبلت إليه لتهون عليه حاله تقول كن مؤمنا بالله ولا تجهل فان الله يجرب عبده الصالح ثم قالت يا إبراهيم اصفي إلى فدار رأسه إليها ملتفتا , لدينا بعض المال لماذا لا تذهب إلى احد أقرباءك وتستمر معه بفتح مشروع يدير لنا بعض المال لنتعايش منه لعل الله أن يعطينا ونتخطى هذه الصعاب , تأني إبراهيم بعض الوقت وقال والله لأجربن حظي وذهب إبراهيم لأحد أقاربه ألا وهو علاء الجبلاوى وعرض عليه فكرته ورحب بها وقاما الاثنان بفتح مشروع استثماري مناسب للمبلغ المستثمر وبشر المشروع بنجاحات مذهلة بعد مرور حقبة من الزمن وفرح إبراهيم الجبلاوى بنجاحه وفى وذات يوم أثناء حصر أرباح المشروع وجد علاء الجبلاوى كميات هائلة من الأرباح التي يطرحها المشروع فطمع علي رأس المال الذي كان لديه

رجع إبراهيم الجبلاوى يضرب كفاً على كف .. وقد عادت له الكآبة والحزن من جديد وكاد الصداع أن يفتك برأسه فجلس على كرسيه منفردا وهو يتمتم بعبارات غير مفهومه .. فهبطت زوجته من على السلم فرأته جالساً .. إبراهيم … إبراهيم ماذا حدث .. خيرا .. ماذا حدث ؟ فرفع رأسه ونظر إليها والدمع يسيل من عينيه وكأنه طفل صغير فربتت على أحد كتفيه برقة وحنان وسألته .. ماذا بك؟

فأدار رأسه ملتفتا إليها وقال بصوت خافت . أعلم يا حبيبي انك تهونين على الصعاب لابتلائي بمرض النفسي , وروى عليها القصة من علاء الجبلاوى ثم خرج من منزله وأثناء تجوله بشارع وقع نظره بمحض الصدفة على نظر علاء الجبلاوى وقامت مشاجرة عنيفة بينه وبين علاء وهما يتبادلان العبارات الجارحة وقذف الشتائم فدلت عليه زوجته فوجدته فى حالة سيئة للغاية تسأله عما حدث فلم يستطيع إجابتها بالرد عليها فقالت له سأحضرك فنجانا من القهوة وذهبت لتجهيز القهوة وأثناء ذلك انتابته الحالة النفسية بشده فاخذ يمزق ثيابه ويحطم كل المتقولات التي من حوله وسرعان ما أتت زوجته تحمل القهوة ففوجئت بهذا المنظر السيئ وارتعشت يداها وانسكبت القهوة على الأرض فصعبت عليها حال زوجها وتأثرت به تأثيرا شديدا تضرب يدا على يد والدموع تبلل عينيها فاتصلت على الفور بالطبيب النفسي وبعد برهة من الوقت دق الطبيب الجرس ففتحت له فدخل علي المريض فوجده مطروحا على الفراش ففحص حالته وقال لزوجته إنه يعانى من مرض نفسي فأنا أراه يكرر كلمة الناس الناس الناس ظل ، وإبراهيم الجبلاوى منطويا علي نفسه عدة أيام على هذا الحال ثم خرج ليشم أنفاسه في الشارع وهو يتساءل هل يظل الإنسان ظالما لأخيه ؟ وإلى متى نظل هكذا في صراع بلا رحمة ؟ ولماذا ؟ كل هذا من أجل المال ! .. يا لها من أعجوبة فاضحة ! .. وهل يقتل الإنسان أخاه ؟ نعم ويخون الصديق صديقه يا للهول لقد كرهت سماع اسمها .. فيسير حزينا متأثرا بما يدور من حوله من غش وخداع وبعد هذا كله وضع للدنيا مسمى بأنها فيلم لا ينتهي وظل يسأل نفسه من هم إبطال هذا الفيلم هل السفهاء ؟؟ أم الأمناء وأنا أتبع لمن منهما ؟ إنني لا أدارى ………..

فرجع إبراهيم إلي منزلة وتوجه إلي مرقده

رؤيــة جــان

وهو راقد في نوم عميق رأى حلما مفزعا فاسترسل فى الحلم فرأى مغارة مظلمة دخل فيها فرأى شخصا يشبهه فنظر من حوله فرأى جماجماً وأشياءً مروعة ووجوه غريبة ليست مألوفة بين البشر فقال له الرجل الذي رآه إبراهيم فى الحلم تعالى هنا فأنا أريك شيئا لم تره من قبل فتوجه إليه فرأى المدينة تحترق بجميع ما فيها وقال له أنا بأصبعي أطفأها فأنا سأكون معك حيثما كنت فى المنام أو فى البيت ، وعندما دون بعض مذكراته بدأ متوترا مع زوجته قلقاً في منزله يردد عبارات مسيئة علي الناس من حوله ملصق بظهره علي جدران المنزل ويضرب ضربات بيديه واحدة تلو الأخرى علي الجدران ويمضي يميناً ويساراً ويقضي طول الليل حتى الصباح مستمراً هكذا عدة أيام فبدأت زوجته تقلق عليه وفي أحد الأيام كان راقدا علي سريره محدقاً علي جدران المنزل واستمر هكذا لمدة ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع تحدث بصوت عال لم تسمعه أذن زوجته من قبل ـ أصوات متوحشة غريبة الشكل ـ ليس لها مثيل فيقول أنا ملك الأرض السفلي ويردد القهقهة بصوت عال واستيقظ إبراهيم فذهبت زوجته مسرعة إبراهيم .. إبراهيم ما بك ؟ أنت تخرج من فمك أصواتاً غريبة وقهقهة أنا لم أعرف عم تتحدثين ؟ أقول لك .. أخرجي يا امرأة ودعيني وشأني وهو يحدق بعينيه علي زوجته وعيناه مفتوحتان كجمرتين من نار فقال يا ويلتاه ! .. ها هي زوجتي التي أحبها تحدثني عن أشياء لم أسمعها من قبل ، فذهبت الزوجة كي تهون عليه قائلة أخرج يا إبراهيم لتحضر لنا بعض الخضروات والطعام ، قال نعم سأخرج وسأحضر لك بعض الطعام .

إبراهيم خارج المنزل

فخرج إبراهيم يتجول في المدينة وهو لم يخرج منذ عدة شهور من منزله من أجل ظروفه الصحية وحالته النفسية الناتجة عن معاملة البشر له ، فينظر إبراهيم يميناً ويساراً يتأمل في شوارع المدينة مبتسماً يسأل في خاطره ويجيب لمَ لا … ها هي الدنيا حلوة … وهو يتأمل كأنه خرج في الدنيا ولم يرجع ، وأثناء سيره رأى فكهاني فذهب إليه السلام عليكم وعليكم السلام بكم الكيلو ؟ بسبعة جنيهات نعم زن لي سبعة كيلو ، ها هي … يا أستاذ ، مهلاً مهلاً ، إنك بطل من أبطال هذا الفيلم الدنيوي ، لماذا تقول لي بطلاً ؟ إنك بطل في الغش يا رجل تغشني في ميزانك ، وقال له سلام عليكم ، فقال : الفكهاني سلام ، ما بك تقول لى سلام بسخرية ، الفكهاني : دعني وشأني ، فذهب إبراهيم وقال ( ما علينا ) وهو ماضيا سمع ورأى طلقات نارية وشاهد الأطفال والشيوخ والنساء يهرولون فجاءه رجل من الشارع وقال بصوت عال : اختبئ … اختبئ ، مهلاً مهلاً ماذا يحدث ؟ الإرهاب ، يا للهول هؤلاء مثل قوس قزح يأتون بالرعد والرياح والمطر ما دام لا يوجد لدينا فكر فلابد أن نجني الحرمان ونجد أكثر من هذا فهؤلاء يضربون بالرصاص أما بقية الناس من حولنا يضحكون بشفاههم ويطعنون بأيديهم فهذان وجهان لعملة واحدة ، فكل هؤلاء من أبطال هذا الفيلم الدنيوي ( ما علينا ) !!

أبنـــاء الشوارع

وأثناء سيره في المدينة رأى طفلين على الرصيف معهما طعام ليس صحيا فقال : يا ويلتاه !! فصاح لأحدهما يا ولد ، فرد قائلاً : نعم يا أستاذ ، كيف حالتكما ؟؟ ، حالتنا … !! مثل ما أنت تري ! كيفَ تقضون حاجاتكم ؟ في المقاهي ، وكيف تدبرون معيشتكم ؟ ابتسم الطفل !! وقال : من الشحاذة ، وإن لم تحصلوا على نقود من الشحاذة ؟ ، الأمر بسيط جدا !!

كيف بسيط جدا ؟ نسرق ، يا ويلتاه !!!! ؟؟ وأين آباؤكم ؟؟؟؟ يا أستاذ هل أنت نازل من المريخ !! ألم تعرفنا ؟؟

                                          نحن بلا فخر أولاد الشوارع

فوضع إبراهيم يده فى جيبه وأعطاهم بعض النقود ، ومضى إبراهيم ليتجول ويكمل مسيرته

، فرأى العالم من حوله فلم يجد أحداً مبتسماً فقال يا للهول ما بهم هؤلاء منغمرين في همومهم المادية ؟؟ نعم أم لا … فهؤلاء مشهورون بالنكتة والبسمة والطيبة والشهامة و( الجدعنة ) ، أين هؤلاء … أأخذتهم الدنيا أم غرقوا في بحر النسيان ؟ لا … ما أنا مثل هؤلاء ، ما علينا !! يا للهول هذا رجل ريفي … لقد كان أبي يحدثني عن الريف .

لقائه مع جرجس

 بلدينا … بلدينا … اقترب ، نعم نعم لماذا تشير لي هكذا ؟ ، مهلاً مهلاً … فأنا عندما رأيتك تمر من أمامي تذكرت أبي ، ما بك ؟ ولماذا أتيت إلى هنا ؟ أتعرف عليك أولاً : أنا أُدعى ( جرجس ) ، نعم إنك أخي في الآدمية فأهلاً بك .. لماذا تقول اسمك المدعو جرجس ؟ أنا وأمثالي كثيرين وسأقول لك لماذا أتيت هنا أنا أتيت هنا كي أبحث عن مسئول ، لماذا ؟ ومن أجل ماذا ؟ جرجس أنت نسيتني !! أنت من أين ؟؟ من محافظة سوهاج مركز دار السلام قرية الكشح يااااااه !!! الكشح !!! حدثني عنها !! سوف أحدثك ، أنت ما قلت لي لماذا أتيت إلى هنا ؟ نعم قلت لك أبحث عن مسئول ، نعم ، سأقول لك هي الكشح صلب القضية التي أتيت من أجلها ، ولماذا الكشح ؟؟ وما شأن الكشح ؟؟ سوف أحدثك : فالكشح حاضنة لأبنائها وهم حاملون اسمها ، لم لا ؟؟ يا أستاذي أنت لا تستطيع أن تشتري منزلاً في الكشح ، أنا لا أستطيع أن اشتري منزلاً في الكشح !!! نعم يا أستاذي ، لماذا هذه مجرد قرية ؟ !!!! ألم أقل لك أن أبنائها حاملون اسمها ؟ نعم قلت وهذا شيء عادي !! فإنهم جعلوها هكذا !! يا أخي شوقتني لقصتك ، إنها ليست قصتي بمفردي إنها قصة أجيال من البسطاء فعلى سبيل المثال أنا معي ثلاثة أطفال وأسكن أنا وأخي ، يا أخي شوقتني لما يدور في الكشح ، أرجوك يا أستاذي لا تقاطعني ودعني أروي لك قصة أجيال فإنها ليست قصتي بمفردي ، فبدأ إبراهيم يحس بالقضية فهو لم يكن يفهم قصد جرجس جيدا فقال له ارو لي لماذا أنا لا أستطع أن أشتري منزلاً في الكشح ؟ !! يا أستاذي أنت عندما تسمع باقي القصة ـ فهذه قصة وقضية أحفاد ـ نعم سأسمعك ولكن قبل أن أسمعك لاحظت أنك تأخذ برشام كثيراً فأخبرني لماذا ؟ أنا عندي الضغط وتوتر أعصاب ، لماذا ؟ أأروي لك قصتي وتقول لي لماذا ، يا للهول ؟؟ لماذا تقهقه يا أستاذ ؟؟ لا .. لا .. لاشيء أكمل قصتك ، فدعني أصف لك مسكني أنا وأخي فأنت يا أستاذ قاطعتني من قبل ، تفضل مشكوراً ، أنا وأخي نسكن في منزل ما يعادل مائة وخمسة وسبعون متراً فأنا على سبيل المثال معي ثلاثة أولاد أكبرهم فى سن الثالثة عشر والثاني في السادسة من عمره والثالث فى الرابعة من عمره وهذا غير الإناث وأخي كذلك فهو يعمل سائق وأنا عامل عادي ، حدثني يا أستاذي … أجبني ماذا يفعل أبنائي وأبناء أخي عندما يكبرون ؟؟ !! الأمر بسيط جداً سيشترون ، ألم أقل لك : إنك لا تستطيع أن تشتري منزلاً في الكشح ؟؟ لماذا ؟ ! أقول لك !! ضع سعراً للمتر ، كم يساوى المتر على الطريق العمومي فى نظرك ؟ 5000 جنيه ، لا بل أكثر ، 10000 جنيه ، لا بل أكثر ،20000 جنيه ، يا رجل أنا قلت لك من أجل القهقهة التي فعلتها من قبل ، يا أخي شوقتني ، اقفل أذنك ، لماذا ؟ لأنك ستسمع يا أستاذي 52 متر قد بيعت بـ 1200000( مليون ومائتي ألف ) يا للهول !!!!! ماذا تفعل إن كنت مكان هؤلاء البسطاء ؟ كنت تحدثني فأقول ما مشكلة جرجس ؟ أليس لها حلاً ؟ كنت اتخذها بسخرية ، فهذه قضية قومية قروية قل لي يا جرجس أعندكم فقراء لا يملكون مسكن ؟ نعم ، وكيف يعيشون ؟ بالإيجار ، يا ويلتاه !!! قل لي يا جرجس لماذا ؟ أقول لك يأتي هؤلاء من أبناء الكشح الذين يتاجرون في سيارات ( مرسيدس غبور ) ويقومون بشراء المنازل ، ولكن المنزل الذي يفوق سعره ( مليون جنيه ) فعلي سبيل المثال يقومون بشرائه بـ ( مليون وثلاثمائة ألف ) لماذا ؟ أقول لك يا أستاذي ليبيعونه ( بمليون ) ولماذا ؟.. فهكذا يخسرون ، لا يخسرون شيئاً يا أستاذي إنهم يعطون صاحب المنزل السعر الذي تم الاتفاق عليه بالأقساط ، وما المشكلة ؟ فمثل هؤلاء يرفعون أسعار المنازل يا أستاذي علي البسطاء ويدمرون البقعة الزراعية ، نعم أنني فهمت ، يا أستاذ ويزيد الطين بله أحد السماسرة يأتي لصاحب المنزل الذي يرغب في البيع فماذا يقول له السمسار ؟ أنا أحضر لك المشتري لمنزلك ويقيمه بخمسمائة ألف جنيه السمسار لكن بشرط منزلك بالسعر المتفق عليه بيني وبينك عليه خمسمائة ألف جنيه يقول صاحب المنزل نعم ، فيذهب السمسار لكي يحضر المشتري فماذا يقول السمسار للمشتري والله أنني قمت بشرائه بخمسمائة ألف ونصف ، يا للهول يا جرجس !! يا أستاذي هذه الأسعار التي يتداولونها ، وهذه أسعار ما يبعد عن الشارع العمومي اثنين كيلو متر في الرقعة الزراعية ، يا رجل وضعتني في همومك ونسيتني رابطة الوحدة الوطنية ، يا أستاذ نحن ينقصنا أشياء كثيرة مثل الثقافة والإرشاد والوعي ، نحن أبناء القرى مهمشون أما أخواننا المسلمين نعيش وبيننا وبينهم في سلام ومحبة ، يا أستاذ ما جرى في الألفية الثانية فكانت فتنه طائفية ، يا جرجس … ، أنا قلت لك من قبل ، يااااه !!! حدثني عن الكشح لأعرف ما حدث بعد الألفية الثانية حتى وقتنا هذا وعندما حدثتني عن المسيحية والإسلام … قم يا جرجس بتشكيل كلمة من هذه الحروف الستة ( ل ا م ا س ل ) أمام المسيحي والمسلم ، شكراً لك يا أستاذي علي روح الوحدة الوطنية ، شكراً يا جرجس علي جلوسك معي فقد قضيت وقتاً ممتعاً ، يا جرجس قل لي ، انتبه يا أستاذ إياك أن تقول لى اروِ لى … لا … لا أقول لك البتة ، بل أقول لك متى ستذهب إلى الكشح ؟ الآن ، قبل أن تذهب أترك لى رقم هاتفك ، تملاه يا أستاذي ، وصافح جرجس الأستاذ ليعود إلى الكشح ولكن استوقفه الأستاذ قائلا انتظر لماذا أنت حتى الآن لم تسألني عن اسمي ؟ عذراً إن ما بى أنساني أن أسألك عن اسمك ، أنا يا جرجس اسمى إبراهيم ….. وبعد عدة أيام رن جرس هاتف جرجس ، فرفعت زوجته لترد آلو ألو ألو من معى ؟ أنا إبراهيم ، قولي لجرجس إبراهيم يريدك على الهاتف ، فقالت أنت الأستاذ ؟؟ نعم ، ياااااه جرجس حدثني كثيراً عنك ، يا أستاذ ( جرجس مات ) ، فدمعت عين إبراهيم قائلاً يا الله !! مات جرجس وترك قضيته أمام الله فى أيدي المسئولين .

عودة إبراهيم للمنزل

عاد إبراهيم من المدينة إلى المنزل فطرق الباب ففتحت له زوجته الباب وابتسمت قائلة إن الفاكهة التي جئت بها من المدينة أحمضت ، ما بك يا امرأة أليس معكِ إلا السخرية ؟ نعم ، دعيني أجلس ثم أروي لك ما حدث لي في المدينة ، ارو لي يا إبراهيم ، وأنا جالس علي أحد المقاهي قلت لعامل المقهى احضر لي فنجان من القهوة قال لي ( قهوتك إيه ) ؟ فقلت له حلوة ، قال سأحضرها لك ، فأحضرها فتذوقتها فوجدتها مرة ، فصحت إليه أنت يا معلم ، فقال ( عاوز إيه ) ؟ فقلت له القهوة مرة ، فأنت طبعاً لا تصدقين ماذا قال لي !!! ماذا قال لك ؟ فقال لو كان يعجبك ، وقامت بيني وبينه مشاجرة ، وخلصنا الجالسون ، الزوجة وماذا فعلت ؟ وبعد ذلك ماذا حدث ؟ سأنتظر حتى أرى آخرتها معك ؟ اسمعيني .. بينما وأنا جالس علي المقهى رأيت رجلا من أبناء الصعيد اسمه جرجس ، وروى لها القصة ، ما قلت لي … لماذا لم تأت بالخضروات ؟ سأروي لك أنا ذهبت كي اشترى بعض الخضروات فقامت بيني وبين الخضري مشاجرة ، يا رجل ما بنا والمشاكل ؟ ادخل استرح ، ما بى من راحة ، الزوجة لماذا ؟ عندما أدخل حجرتي (يضيق خُلُقي ) يا رجل سمي ونم .

تأثير الجان في منزل إبراهيم

 ونام إبراهيم وتكرر الحلم مرة ثانية ، وحلم بنفس الرجل الذي في الحلم ، أمسك بيد إبراهيم فعصرها ، فأستيقظ إبراهيم فزعاً فنظر ليده فوجد إصابة الرجل الذي في الحلم فاستيقظت زوجته مسرعة ، ما بك ما بك ؟؟ !! فأراها إبراهيم يده فاستعجبت من أمره !! ما هذا يا إبراهيم ؟؟ مثلما ترين ، أهذا الحلم !! نعم ، يا ويلتاه !! ماذا تفعل يا إبراهيم ؟ لا أدري ماذا أفعل بما أصابني !! فخرج في الصباح الباكر فسمع ضجيجاً ما هذا الضجيج ؟ فرأى هؤلاء كثيرين يهتفون ارحل ارحل فسأل أحد المارة فقال من الذي يرحل ، فقال الرجل : الحاكم ففرح فرحاً عظيماً ، فتحدث في خاطره قائلاً أحمدك يا رب أنت تقوى علي القوي وتنصف المظلوم ، ها هو رئيسي قد ظلمني سوف يخرج بالقوة من منصبه مثل لص ممسوك بجريمته والله سأهتف بفرح وسرور وبدأ يهتف ارحل ارحل وهو يردد العبارات ارحل ارحل في المظاهرات ما بين المعارضين والمؤيدين طعنه أحد المعارضين من خلفه فأخذوه إلي المستشفى وزوجته لم تعلم بأي شيء فطرق الباب ففتحت فوجدت رجلاً يشبه إبراهيم فلم تلاحظ فارقاً بينه وبين إبراهيم لأنها لم تدقق النظر فى وجهه فدخل فقالت له يا رجل تدخل ولا تلقي السلام ، دعيني من هذا السلام ، يا رجل سلام الله لا تقوله ، دعيني أغربي عن وجهي ، يبدو أن أعصابك منهارة سأحضر لك فنجاناً من القهوة فتوجهت إلي المطبخ وهى تفكر فيما حدث وأثناء انشغالها بعمل القهوة شمت رائحة دخان يخرج من الغرفة فصاحت بصوت عال إبراهيم .. إبراهيم .. ما هذا ، فأشار بيده تجاه النار فانطفأت فاندهشت الزوجة أنت يا إبراهيم تبدو اليوم غريباً قليل الكلام وعندما انظر لوجهك تدير وجهك للخلف ، دعيني وشأني ، ألم تقولي لي سأحضر لك القهوة ، نعم إنها انسكبت على البوتاجاز لفزعي من الدخان في المنزل ، سأذهب وأحضر لك القهوة ، وعندما أحضرت القهوة لم تجده فاندهشت وهى تصرخ إبراهيم .. إبراهيم .. أين ذهب ـ فسمعت من يطرق الباب ففتحت الباب ـ من أنت ؟ أنا أرسلني إبراهيم ، إبراهيم !! أي إبراهيم الذي تحدثني عنه يا رجل ؟؟ يا أستاذة زوجك اسمه إبراهيم الجبلاوي ؟؟ نعم إنه زوجي ، زوجك في المستشفي ، في المستشفي …!! ـ توجهت مسرعة إلى المستشفى فرأت إبراهيم ـ فقالت لا بأس أأنت بخير ؟ نعم أنا بخير ، فجاء الدكتور ، فسألها أأنت زوجته ؟ نعم يا دكتور ، لا تقلقي سيخرج الآن ،

خروج إبراهيم من المستشفى

 فخرج إبراهيم من المستشفى ، وتوجه الاثنان إلى المنزل ، افتحي الباب فدخل إبراهيم رويداً رويداً ، إبراهيم أين هاتفك ؟ يا امرأة ها أنا كنت ميتاً مع الأموات وتسألينني أين هاتفك يا له من عجب ؟!! ساعديني لأجلس ، تفضل على المهل وبعد عدة ساعات طرق الباب ، من ؟ أنا ، السلام عليكم ، وعليكم السلام خذي هاتف الأستاذ ، من أين جئت به ؟ من أمانات المستشفى احضره أحد المتظاهرين ، الذين أحضروا زوجك ، شكراً .. شكراً تفضل ، شكراً ، من ؟ رجل احضر الهاتف ، هاته لى ، مالك بالهاتف الآن ، قلت لك هاته يا امرأة ، خذ هاتفك ، ايتي لى باسم جرجس علي الهاتف ، ألم أقل لك ما بك بالهاتف وأنت مريض ، ستعرفين الآن ، خذ فقد طلبته لك ، الوه أيوه ، من معي ؟ أنا الأستاذ إبراهيم .. أين جرجس ؟ ياه جرجس حدثني كثيراً عنك ، يا ستاذ إبراهيم شكراً لكِ لو سمحت أين جرجس ؟ يا أستاذ إبراهيم جرجس مات ، يا للهول وظل يبكي بكاء مريرا ، يا رجل ألم أقل لك أنت مريض فدعك من الهاتف اذهب واسترح نعم صدقتي طابت ليلتك .

معرفة الزوجة بالجان الذي في إبراهيم

 ونام إبراهيم وانغمر في النوم ونام نوما عميقا كأنه ميت ، فجاءه في الحلم يهيأ له أن الرجل الذي في الحلم جالس مع زوجته في المنزل وهو يحلم توجه له قائلاً أنا قلت لك حيثما كنت أنت كنت أنا ، أترى أين أنا الآن قم الآن وحدث زوجتك وهي تروي لك بما حدث فأستيقظ منزعجا مبللا بالعرق وبجانبه زوجته ، أنت أنت يا امرأة ، ماذا بك ؟ لماذا ( تدكمنى هكذا ) وأنا نائمة ؟ حدثيني من الذي كان معك بالمنزل في غيابي تحدثي ؟ أنت عندما ذهبت في الصباح الباكر دخل علي شخص بعدما ذهبت من المنزل ، وروت له القصة كاملة ، ما هذا الدمار الذي حل بالمنزل ؟ ياااه ياااه ! نعم يبدو أنه هو الذي يأتيني في الحلم .. نعم إنه هو ، من هو يا إبراهيم ؟ من قبل عدة شهور حلمت حلماً في مغارة فيها جماجم وأشباح فهذا الكائن أراني المدينة تحترق ، فصرخت زوجته وهي تضع يدها علي رأسها وتضرب ضربات متتالية ، وتقول يا للهول ! أنت بداخلك جان يا ويلتاه .. أنا لم أصدق ، صدقيني يا امرأة .. هل جننتِ دعينا من الصياح اصمتي عليك اللعنة ، إن لم تصمتي أنا سأضربك ـ وضربها ـ ، أأنت تضربني ؟ قلت لك اصمتي وأنت لم تصمتي ، أنا محقة إنني خائفة عليك وها هو جزائي أن تضربني ، سامحيني أنا ليس بوعيي ، يبدو أن يدك ثقيلة ، وأنتِ حتى الآن لم تري منى شيئاً ، ما عليك … امزح … امزح ، يا ويلاه !! ما بك ؟ علاء سيطرق الباب الآن ، كيف عرفت ؟ هاجس في خاطري ، فطرق الباب ، هل إبراهيم ابن عمي موجود ؟ نعم تفضل ، قال إبراهيم مهلا مهلا انتظر ماذا ستفعل ؟ ما بك يا رجل ؟ ! … سأجلس ، اخرج من منزلي لقد هرمت منك يا رجل ، أنسيت ما فعلت بي من خسائر ؟ يا ابن عمي التجارة مكسب وخسارة ، يا رجل أي تجارة التي تتحدث عنها أنت غششتنى وأكلت حقي اخرج وإلا سأقتلك .

مقتل علاء الجبلاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى