
سلاح الشبهات حول صلاحية دين الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رفع السماء بلا عماد، وبسط الأرض فكانت نعم المهاد، أحمده جل شأنه وأشكره أتم نعمته على العباد، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له إليه المرجع والمعاد وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب الأمجاد، وعلى من سار على درب الهدى يبتغي الرشاد أما بعد لقد حذرنا الإسلام من مروجي الفتن والشائعات، وإن محاولة البعض تحريف الكلام عن موضعه، وتأويله على غير مراده تعالى لهو أمر ليس بحديث عصرنا وأمتنا، وإنما تكرر مثله كثيرا في الأمم السابقة، وإننا نسمع اليوم عن بعض الألقاب مثل المفكر الكبير والخبير اللوذعي وصاحب التفكير التباعدي ومجدد القرن ومجدد الخطاب الديني والثائر على الخرافات التي ألصقت بالدين، وهذه الألقاب وأشباهها تطلق اليوم زورا وبهتانا.
على من يهاجمون الدين ويثيرون الشبهات حول ثوابته وأصوله، ولقد عانينا كثيرا من إصرارهم على تحويل الثابت إلى متغير، بتحويل النص ذا الدلالة القطعية إلى ما يحتمل الإجتهاد والأخذ والرد، فقد عانت الأمة كثيرا من خبال من ينكرون السنة مستخدمين في ذلك سلاح الشبهات التي يثيرونها حول الصحابة والتابعين وباقي الرواة، وكما عانت من الحداثيين الذين يريدون التفلت من حدود الدين مستخدمين في ذلك سلاح الشبهات حول صلاحية دين الإسلام لعصرنا الحاضر، وكما عانت من أصحاب الأهواء والأغراض الذين يسوون المرأة بالرجل في الميراث والشهادة والسفور ونزع الحجاب مستخدمين أيضا سلاح الشبهات، الذي ليس للمبطلين سلاح سواه، ولا حجة عداه، ولا برهان ما خلاه، فهو سيف في يد كل مبتدع، ونصل في يد كل مشكك، وسهم في قوس كل مضلل.
ورمح يرفعه ذراع كل صاحب هوى، فهو أخس سلاح في أحقر يد وأضل قلب، ويؤسفنا أن ممن يستخدمون هذا السلاح الخبيث في عصرنا بعض مفتوني القلوب ممن قد أتاهم الله تعالي علما وقرآنا لكنهم انسلخوا منه، ولقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حين قال ” إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان” رواه أحمد، وعن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه، وكان ردئا للإسلام، غيره إلى ما شاء الله، فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشرك ” رواه ابن حبان، ولنا ها هنا حديثان وخطابان ومنهجان، فالأول حديث للدعاة والخطباء والعلماء عنوانه “كيف نواجه الشبهات” والثاني حديث لعامة الناس وسوادهم وعنوانه “كيف نتقي الشبهات”
ونعني ونقصد من هذا أن العلماء والدعاة والخطباء يواجهون ويتصدون ويفندون الشبهات، وأن العامة يتقونها ويتجنبونها ويبتعدون عنها، وكل له قدر معلوم، فأما كلامنا لمن أوتي علما وبصيرة ولسانا وخطابا، فأن الله سبحانه وتعالى قد شرفكم بالعلم والنور والهداية، لا لتختصوا به أنفسكم وحسب، بل لتنفعوا به المسلمين وتدافعوا به عن حياض الدين وتكفوا به المجرمين والمشككين والجاهلين، وأول المواجهة للشبهات هو أن نحصن القلوب والعقول بتعليمها الصحيح من العقيدة والشريعة والأصول والمبادئ الإسلامية، وثانيها وهو أن نقابل الحجة بالحجة ونضع البرهان في مقابل البرهان، ونفند كل شبهة بتروي وحكمة ووضوح وجلاء، ونظهر زيف الباطل وروعة الحق، وثالثها أن نعلم الناس ضرورة البعد عن الشبهات وقائليها.
سلاح الشبهات حول صلاحية دين الإسلام