قصة قصيرة: شتاء بلا موقد
ايمن فوزى
يجلس “جون لوك” مستنداً بظهره إلى الدبابة ينظر إلى أفق غير منته من الثلوج، إلا من بعض الجدران التي عبثت بها القنابل وشوهها بالوحشة هجر أصحابها لوقوعها في منطقة القتال، لينطقلوا إلى قريى قريبة ابعد قليلاً عن منطقة العمليات.
يعبث بغصن يابس من حديقة المنزل الذي إتخذوا أنقاده ساتراً لهم ومركزاً لوحدتهم القتالية الصغيرة “كتيبة دبابات Tan2320” حيث ينتشر الجنود في أرجاء الموقع انتظاراً للأوامر الجديد بالتقدم أو التراجع، وهو ينقل نظره بين الجنود والجدران المحيطة متذكراً هذا المنزل عندما مروا به الشتاء الماضي وهم في طريقهم للنقطة الدفاعية “أ” بيتٌ من طابقين جيد البناء، مطليٌ باللون الأبيض، ذو شرفات زرقاء، وهذه الحديقة المنظمة الجميلة وقد تبدلت بها بعض الثمار الشتوية وزهور البرتقال تنثر رحيقها بطول الطريق المار من أمام هذا المنزل.
نعم يتذكر جيداً إمرأة فر رداء مخملي وطفلتان في بيجامة شتوية بنفسجية يلقون عليهم التحية.
نعم هي الحرب قد خلفت مل هذا الدمار، فهدمت أركان المنزل وسقطت شرفاته، حتى أشجار الجديدة ام تسلم فصارت هشيماً تذروه رياح الشتاء الباردة والبارود والقنابل والرصاص.
يرسم “جون لوك” بقدمه الممددة نصف دائرة تحدد نطاق رؤيته فهو لا يريد أن يلتفت للخلف، ليرى النيران المشتعلة وسط فضاء الثلوج والدخان المتقاعد من المناطق المحترقة، ليكتفي بتتبع حركات وسكنات رفاقه وهم ما بين صامت يمسك صورة قديمة بيده ينظر إليها مرار ووجه ما بين إبتسامة ودمعة، ومن يلعبون لعبة تلعب بالخصم وبعض قطع من غصن جاف في صمت، غير أنهما احياناً يبدي أحدهما حملة الفوز خين إنتهاء اللعبة.
البعض وقوف وقد إنعكس في عيونهم اللهب المتقاعد في الخلف لنار لم تخمد بعد أو سواد الدخان الذي يصل إلى السماء كانه نهر من سواد يصب في بحيرات السحاب.
يلمح القائد “ماد مان” كما يطلقون عليه يخرج مما تبقى من هذا المنزل حيث اتخذوه كغرفة للعمليات، يتنبه الجميع فيقفون عن بكرة أبيهم وقد شخصت أنظارهم، فهذا الخروج الحاد المباشر من “ماد مان” لا ينبيء بخير وهم ينتظرون تحركاً آخر وسط هذا الصقيع المهلك وبرودة تقتل كل شيء حتى الحياة وأمل البقاء في شتاءٍ لا يزوره الدفء.
في كامل حلته العسكرية وبكامل عتاده ، ولحظات من الصمت قبل أن يمر بنظره على الجميع “لقد إنتهت الحرب وسنعود إلى الديار الدافئة”فيحس “جان لوك” برعشة تسري في جسده ثم يهدأ قليلاٍ ويشعر بدفء م اقدر الوطن عندما تعلوا الصيحات ويختلط الضحك بالبكاء وتعلو الأنظار في السماء في إتجاه الوطن.
أيمن فوزي