مقالات

علاقة عبد الملك بن مروان بتحويل القبلة

جريدة موطني

علاقة عبد الملك بن مروان بتحويل القبلة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد ذكرت المصادر الإسلامية التاريخية الكثير عن حادثة تحويل القبلة من بيت المقدس إلي بيت الله الحرام، وقد تمت نعمة الله تعالي بتحويل القبلة إلى المسجد الحرام، منذ تلك المرحلة المبكرة من بناء الأمة الإسلامية، وعلى إتساع أتباعها في كل زمان ومكان، حيث غدت للأمة الإسلامية قبلة واحدة توحد بينهم على اختلاف مواطنها، واختلاف مواقعها من القبلة، وإختلاف ألسنتها وألوانها، حيث يجتمع المسلمون من كل إتجاه في أنحاء الأرض جميعا على قبلة واحدة، وهي قبلة العبادة، كما جمع الإسلام بينهم على عقيدة القلب بحيث صار المسلمون جسما واحدا وكيانا واحدا.

إلى هدف واحد، ينطلق من عبادة إله واحد، وإيمان برسول واحد، وهو أمر جعل الأمة الإسلامية كما خاطبها الله سبحانه وتعالى بقوله ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ” وإن هناك من المفسد المضللين من يتهم تاريخنا الإسلامي بتزييف الحقائق ويرمونه بالشبهات فقالوا، إن المسلمين لم يغيروا قبلتهم إلا في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، أي بعد أكثر من ثلاثين سنة على تاريخ تحويل القبلة، حيث أن اليهود لا يصلون ناحية الجنوب، ولا المسلمين، فاليهود الذين في مصر مثلهم مثل المسلمين يصلون بإتجاه الشرق، واليهود يصلون نحو القدس، والمسلمين نحو الكعبة، فاليهود الذين في جنوب القدس يصلون نحو الشمال، والذين في بابل يصلون نحو الغرب، وكذلك المهاجرايا في الغرب نحو الكعبة.

والذين في جنوب الكعبة يصلون نحو الشمال بإتجاه هذا المكان، وقيل أن المسلمين ولا ندري إلى اليوم أسباب إختلاقهم لقبائل بني النضير والقينقاع وقريظة ففي أقدم مخطوط عربي، وهو معاهدة المدينة، لم يوجد ذكر لهؤلاء القبائل، كما أن اليهود في فلسطين والمدن المجاورة لم يذكروهم أبدا رغم إعتناء اليهود بالتوثيق لفروعهم، ففساد هاتين الشبهتين مغني عن إفسادهما والتعرض لهما بالنقض، فإن القرآن الكريم قد جاء بالأمر بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة شرفها الله، ومن المحال أن يتصور من يدري ما يقول أن المسلمين عطلوا العمل بهذه الآيات طيلة تلك المدة من غير مسوغ، حتى كان زمن عبد الملك بن مروان الأموي فأحيوا العمل بها، إلا أن يتجارى به الهوى ويتمادى في الكذب والبهت على عادته، فيزعم أن هذه الآيات دست في القرآن زمن عبدالملك.

فيكون قد نادى على نفسه بالجهل بحقائق التاريخ، فقد شهد العدو قبل الصديق والمخالف قبل الموافق أن القرآن لم يطرأ عليه تبديل ولا تحريف، بل هو الكتاب المحفوظ بحفظ الله تعالى له، وهل يليق بك أيها الأخ الكريم أن تجعل كلام هذا الرهوي حجة يقابل بها كلام الله تعالي وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة ثبوتا لا مطعن فيه البتة، ونحن لم نطلع على كلام الرهوي هذا، ولكن المنقول عنه إن سلم أن المهاجرية إسم يطلق على المسلمين قديما يدل على أن قبلتهم كانت غير قبلة اليهود وأنهم كانوا يستقبلون الكعبة، فهذا الكاتب فهم من كلام هذا المؤرخ ما لم يصرح به بل صرح بخلافه، ولو فرض أن المؤرخ الكافر قد أخبر أن المسلمين كانوا يستقبلون القبلة ذاتها التي يستقبلها اليهود، فهل يقبل كلامه في رد كلام الله تعالى، ورسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم والمتواتر من وقائع التاريخ ؟

سبحانك هذا بهتان عظيم، وأما عدم وجود ذكر ليهود بني قريظة وبني قينقاع وبني النضير في مراجع اليهود فأمره هين، فحسبنا أن الله تعالي ذكر ذلك في كتابه وذكرته السنة الصحيحة المتواترة التي لا سبيل للطعن فيها، وأثبته المؤرخون العدول من جهابذة حفاظ أهل الإسلام، وقد أرجع بعض الباحثين عدم ذكرهم في مراجع اليهود إلى ضعف الإتصال بينهم وبين يهود الشام آنذاك، وأيا ما كان الأمر فإن تحويل القبلة ووجود اليهود في جزيرة العرب أمور قطعية الثبوت قد جاوزت حد التواتر، وإنكارها إنكار للمحسوس فهو مكابرة مفضوحة وتلبيس لا خفاء به، والذي ينصح به العلماء والفقهاء هو أن نبتعد عن قراءة مثل هذه الترهات، وأن نتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونعض عليهما بالنواجذ،ولا نلتفت إلى شبهات المبطلين وأقوال المشككين، فإنهم لا يزالون يسعون في هدم الإسلام، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى