الدكروري يكتب عن الخائفين من ربهم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الله عز وجل يريد لعباده أن يعرفوه ويخشوه ويخافوه، ولذلك نجد في القران الكريم كثيرا من الآيات التي تصف لنا شدة عذاب الله، وقوة بطشه وسرعة أخذه، وأليم عقابه، وما أعد من العذاب والنكال للكفار، وذكر لنا النار وأحوالها وما فيها من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال، وهذه المواعظ لا يتعظ بها إلا الخائفون من ربهم والمشفقون من عقابه، ولقد بيّن الله سبحانه أن ما يرسله من الآيات لتصديق الأنبياء كناقة نبي الله صالح عليه السلام إنما يرسله من أجل التخويف، كذلك الآيات الكونية كالخسوف والكسوف وغيرها، والخوف من الله شجرة طيبة إذا نبت أصلها في القلب، امتدت فروعها إلى الجوارح، فآتت أكلها بإذن ربها، وأثمرت عملا صالحا وقولا حسنا وسلوكا قويما وفعلا كريما.
فتخشع الجوارح وينكسر الفؤاد، ويرق القلب وتزكو النفس وتجود العين، وإن ما يقع في الأرض من كساد الاقتصاد، وغلاء الأسعار، وفساد الذمم، وتسليط الناس بعضهم على بعض بالظلم والبغي والأثرة، وما يصيبهم من غور المياه إلى حد الجفاف، أو صب السماء إلى حد الإغراق، وما يأتي عليهم من فيضان الأرض، ومد البحر، والزلزلة والخسف، كل ذلك لم يكن إلا بظلم العباد لأنفسهم بمعصية الله تعالى، وانتشار الظلم فيما بينهم، وعدم إنصاف المظلوم أو الانتصار له، وكلما كثر العصيان، وعظم الظلم، وتم تشريعه وتوسيعه وتقنينه تفاقمت المشكلات، وتتابعت العقوبات، وحلت المثلات والعذاب إذا نزل قد يعم ولا يخص، وإن في يوم القيامة يوم البعث والنشور، يساق الناس إلى أرض المحشر.
ويحشرون جميعا للعرض على الله عز وجل وهم حفاة عراة، وإنه موقف يجعل الولدان شيبا ويمتد زمانه على الناس خمسين ألف سنة في انتظار ساعة الحساب، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه متعلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق أخفي حتي لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه” رواه البخاري ومسلم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” يوم يقوم الناس لرب العالمين” قال ” يقوم أحدهم في رشحه إلي أنصاف أذنية” رواه البخاري ومسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كيف بكم إذا جمعكم الله كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة ثم لا ينظر الله إليكم” ومع هول هذا الموقف فإن الحر يشتد يومئذ لدنو الشمس منهم ،ويتصبب منهم العرق فيغرقهم كل يحسب ما اجترح من السيئات فقد روى الإمام أحمد في مسنده، غن عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” يوم تدنوا الشمس من الأرض فيغرق الناس فمن الناس من يبلغ عرقه عقبيه ومنهم من يبلغ إلي نصف الساق ومنهم من يبلغ إلي ركبتيه ومنهم من يبلغ العجز ومنهم من يبلغ الخاصرة ومنهم من يبلغ منكبيه ومنهم من يبلغ عنقه ومنهم من يبلغ وسط فيه، وأشار بيده فألجمها فاه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير هكذا ومنهم من يغطيه عرقه”