عيد العمال في مصرتاريخٌ من الكفاح والإنجازات
دكتور : محمد محفوظ عمران
يُعتبر عيد العمال الذي يحتفل به في الأول من مايو من كل عام، مناسبة عالمية لتكريم دور العمال في بناء المجتمعات وتطوير الاقتصادات. وفي مصرنا يحمل هذا العيد تاريخيًا عميقًا، حيث كان العمال المصريون دائمًا في صدارة المشهد، مؤدين دورًا حيويًا في نهضة البلاد، من بناء الأهرامات مروراً بحفر قناة السويس إلى المشاركة الفعالة في حرب أكتوبر، وصولًا إلى بناء مصر الحديثة.
نشأة عيد العمال في مصر
يعود الاحتفال بعيد العمال في مصر إلى بدايات القرن العشرين، عندما بدأت الحركات العمالية تأخذ طابعًا أكثر تنظيمًا، مطالبةً بحقوقها وتحسين ظروف العمل. ومع مرور السنوات، تم ترسيخ هذا اليوم كعيد رسمي يتم فيه الاحتفاء بإنجازات العمال، ويعبر عن التقدير لدورهم الجوهري في دفع عجلة التنمية.
دور العمال في بناء الأهرامات: قصة عظمة وإبداع بخلاف الفكرة الشائعة بأن الأهرامات بُنيت بواسطة العبيد، فإن الأدلة التاريخية تشير إلى أن العمال كانوا مواطنين مصريين، يعملون وفق نظام منظم، ويحصلون على أجر مقابل عملهم، فقد تم العثور على مقابر العمال بالقرب من الأهرامات، وهي إشارة إلى مكانتهم واحترام الدولة لهم، حيث دفنوا بجوار هذا الإنجاز العظيم تقديرًا لدورهم.
دور العمال في حفر قناة السويس: قصة كفاح
عندما شرع المصريون في حفر قناة السويس خلال منتصف القرن التاسع عشر، كان العمال المصريون القوة الأساسية خلف هذا المشروع الضخم، رغم الظروف القاسية وأساليب العمل غير الإنسانية التي فرضتها السلطات حينذاك، استمر العمال في أداء مهامهم بشجاعة وصبر، مؤكدين قدرتهم على تحقيق المستحيل. لقد ساهم هذا المشروع في تغيير ملامح التجارة العالمية، وبات يُعد أحد أهم شرايين النقل البحري في العالم الأن.
العمال في حرب أكتوبر 1973: قصة نضال
لم يكن دور العمال مقتصرًا على الإنجازات الاقتصادية فقط، بل امتد ليشمل الدعم الفعّال خلال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973. حيث ساهموا في إمداد القوات المسلحة المصرية بالمعدات، وبنوا حائط الصواريخ الذي كان له دور هام في حماية سماء مصر. وكانوا جزءًا من منظومة التصنيع الحربي التي دعمت الجبهة المصرية بقوة. كما شاركوا في إعادة إعمار المدن بعد الحرب، مساهمين في بناء البنية التحتية التي تعرضت للتدمير خلال سنوات الحرب المصرية الإسرائيلية.
بناء مصر الحديثة: قصة لا تنتهي
مع دخول مصر عصر التنمية الشاملة، كان العمال المصريون في طليعة المشهد، يؤدون دورًا جوهريًا في تنفيذ المشاريع القومية، مثل المدن الجديدة، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء المصانع والمشروعات الاقتصادية الكبرى. ويواصل العمال اليوم جهودهم لدعم الاقتصاد المصري، مع التركيز على الابتكار والتحول الصناعي لمواكبة متطلبات العصر الحديث.
العمال تاريخ لا يُنسى
أدى العمال المصريين دورًا محوريًا في بناء إرث مصر الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم، وسوف يظل عيد العمال في مصر شاهدًا على نضالات العمال وإنجازاتهم الكبيرة، ويعكس تقدير الدولة المصرية تحت قيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي والمجتمع لدورهم الفعّال في بناء الوطن. ومع استمرار عجلة التنمية، يظل العمال المصريون ركيزة أساسية في تحقيق مستقبل أكثر ازدهارًا، يليق بتاريخ مصر العريق.
