
غزة في مرمى العدوان: الموقف الشرعي من الظلم والتعسف”
محمود سعيد برغش
إن ما يحدث في غزة من عدوان وحشي على يد الاحتلال الإسرائيلي، بمساندة من بعض القوى العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هو جريمة تاريخية تعكس تدهور الإنسانية وتحدي القيم والمبادئ التي تدعو إليها الأديان السماوية، وخاصة الإسلام. ولقد حثنا ديننا الحنيف على نصرة المظلومين، والتعاون على البر والتقوى، والوقوف في وجه الطغاة والمستبدين، على مر العصور.
الظلم والطغيان: موقف الإسلام
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “وَمَا لِكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولِ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ” (النساء: 66). هذا الدعاء يُوجه للمؤمنين للوقوف في صف الحق، ويحثهم على عدم السكوت عن الظلم. في غزة، نرى الظلم بكل تجلياته: القتل، والتشريد، والتهجير، ومساندة هذا الظلم من القوى الكبرى التي تدافع عنه بشكل مستمر.
في حديث نبوي شريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم” (رواه الطبراني). وهذا الحديث يشير إلى أهمية التضامن بين المسلمين في كل مكان، وحثهم على الوقوف إلى جانب إخوانهم في المحن والشدائد، وعلى رأسها ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة من تشريد وقتل وقصف.
التهجير والتهديد بحقوق الإنسان
إن ما يحدث في غزة من تهجير قسري، وانتهاك لحقوق الإنسان، هو محط انتقادات كبيرة في المجتمع الدولي. إلا أن الموقف العربي، على الرغم من التحديات السياسية، يجب أن يكون واضحًا في رفض هذا الظلم. في حديث نبوي آخر، قال صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار” (رواه ابن ماجه). وهذا الحديث يعكس المبدأ الإسلامي الذي ينص على عدم إلحاق الضرر بالآخرين، سواء كان ذلك في الحياة أو في الممتلكات. وعليه، فإن تهجير الفلسطينيين، ومساندة الاحتلال في هذا الفعل، يتنافى مع هذه المبادئ السامية.
التضامن العربي والواجب الشرعي
أمام هذا العدوان المستمر، ينبغي على الدول العربية أن تقف وقفة جادة وصادقة في دعم الشعب الفلسطيني. في حديث آخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منا”، وهذا يعني أن كل مسلم ملزم بالاهتمام بقضية أخيه في فلسطين والعمل على نصرة حقه في العودة والأمن.
كما أن موقف بعض الدول العربية، التي لا ترفض هذا التهجير القسري، يجب أن يعاد النظر فيه، حيث يحق للفلسطينيين أن يعيشوا في أرضهم بسلام، وأن يتمتعوا بحقوقهم كاملة دون تهديد أو قمع. إن التاريخ يعلمنا أن الأمة الإسلامية كانت دومًا في صف الحق، وقادرة على الوقوف في وجه الظلم مهما كان مصدره.
الخلاصة:
إن الموقف الإسلامي من العدوان على غزة يجب أن يكون نابعًا من إيماننا بالعدالة، والتعاون على البر والتقوى، والوقوف في وجه الظلم. وعلى الأمة الإسلامية أن تتوحد في نصرة الفلسطينيين، وأن تسعى بكل الوسائل المشروعة لإيقاف العدوان وتحقيق السلام. يقول الله تعالى: “وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا” (الإسراء: 33). وإن على الجميع أن يواصل العمل حتى يعاد الحق إلى أصحابه، وتعود غزة إلى أهلها بأمان وكرامة.
غزة في مرمى العدوان: الموقف الشرعي من الظلم والتعسف”