فإستحبوا العمى على الهدى
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل الشباب قوة، وزينة وفتوة، وزيّن بالثبات منهم من شاء، وحلى بالإستقامة منهم من أراد، أحمده سبحانه وأشكره والشكر له على جزيل نعمه، وعظيم مننه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أرسله ربه بالهدى والنور، فلبّى دعوته شباب نفع الله بهم الإسلام وأمته، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته، المتفانين في دعوته، والممتثلين لأوامره، والمجتنبين لنواهيه، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد يقول الله تعالى ” وأما ثمود فهديناهم فإستحبوا العمى على الهدى” وكما قال الله تعالى في سورة الأعراف “لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم، قال الملأ من قومه إنا لنراك في ظلال مبين”
وكما قال الله تعالى في سورة الأعراف “وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون، قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة” وكما قال الله تعالى في سورة الأعراف ” ولوطا إذا قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون” وإن هذا الكره الذي تصبه الجاهلية على دين الله وعلى الملتزمين به نابع من خشيتها على كيانها ومصالحها وشهواتها وإنحرافاتها من النور الجديد فهي تحس في دخيلة نفسها مقدار ما إنحرفت عن الحق وحكمت الهوى وإستسلمت للشهوات.
وتحس مقدار ما تحرمها العقيدة الصحيحة حين تحكم الأرض من مصالح ومنافع وشهوات إختلستها إختلاسا في غيبة النور، يستوي في ذلك الذين إستكبروا والذين هم مستضعفون، فلكل في الجاهلية مصالح ومنافع وشهوات يحرص عليها” وحين أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس بهذا الدين حرر الناس من عبودية البشر وعُبّدوا لله الواحد الأحد ومن ثم أصبح الولاء لله وحده، وليس للعشيرة أو القبيلة كما كان ولاء الجاهلية، هذا الأمر قد أزعج الملأ الذين يريدون أن يكون الولاء لأشخاصهم وليس لله وحده، ويأتي بعد الملأ طبقات متعددة من الأمة تكره هذا الدين وتستخدم سلاح السخرية والإستهزاء لمعارضة هذا الدين وأهله ومن هؤلاء كتاب وقصاصون وإذاعيون وفنانون ونساء فاجرات متحررات من كل فضيلة وأصحاب خمور ومخدرات وغيرهم وغيرهم.
يفعلون ذلك لأن عملهم قائم على التجارة المحرمة التي إذا قام دين الله جفف ذلك المستنقع القذر الذي يعيشون في وحله ويتكاثرون في دنسه وإن الحرص الشديد لأعداء الله على طمس وتشويه صورة الإسلام الناصعة أمر لا يجادل فيه إلا مكابر، لذا لا غرو إذا إستخدمت السخرية والهزء سلاحا فتاكا لتشويه هذه الصورة ونشر الضباب المعتم على وجهها المشرق ولكن الله متمّ نوره ولو كره الكافرون، نسأل الله العافية والسلامة والصلاح لنا ولأبنائنا وبناتنا، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
فإستحبوا العمى على الهدى